
الحسين بنلعايل – موطني نيوز
في إطار الجهود المتواصلة التي تقودها الدبلوماسية المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لتعزيز الموقف العادل للمملكة، استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، وفداً رفيع المستوى عن المجموعة البرلمانية الإيطالية المشتركة “لدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء”. وقد ترأس هذا الوفد السيد إيتوري روزاتو، الذي أعرب خلال المباحثات عن دعم مجموعته الواضح لـ “خطة الحكم الذاتي للصحراء المغربية”. وأكد السيد روساتو أن المبادرة المغربية تمثل “مقترح سلام حقيقي مبني على المدى الطويل”، مشيداً بجدية ومصداقية المقترح كحل واقعي لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل. ويأتي هذا اللقاء ليعزز الدينامية الإيجابية والدعم الدولي المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي، مؤكداً على نجاعة الاستراتيجية الدبلوماسية التي ينهجها المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية.

يُمثّل هذا اللقاء خطوة تحليلية عميقة تتجاوز مجرد الإعلان الدبلوماسي الروتيني. فاستقبال السيد ناصر بوريطة للوفد البرلماني الإيطالي لا يُقرأ فقط كحدث بروتوكولي، بل كدليل ملموس على نضج وفعالية الاستراتيجية الدبلوماسية المغربية متعددة المستويات.
يكمن العمق الأول في طبيعة الوفد؛ فهو ليس مجرد وفد حكومي مُلزم بـ”التحفظ” الدبلوماسي الرسمي، بل “مجموعة برلمانية مشتركة” (intergroupe). هذا يعني أن الدعم لمبادرة الحكم الذاتي يتجاوز الانقسامات الحزبية التقليدية داخل المشهد السياسي الإيطالي، مما يمنحه ثقلاً سياسياً وقاعدة أوسع. إن الدبلوماسية البرلمانية، التي يُعد هذا اللقاء أحد تجلياتها، تعمل كقوة دفع موازية ومكملة للدبلوماسية الحكومية، حيث تساهم في بناء قناعات راسخة لدى المشرّعين الذين يشكلون الرأي العام ويؤثرون في صناعة القرار الحكومي على المدى الطويل.

ثانياً، يأتي هذا الدعم من دولة محورية في الاتحاد الأوروبي وحوض المتوسط. إيطاليا شريك استراتيجي للمغرب، وموقف برلمانييها الإيجابي يعزز الموقف المغربي داخل أروقة بروكسل، ويساهم في تفكيك الروايات المضادة. إن وصف الوفد الإيطالي للمبادرة المغربية بأنها “مقترح سلام مبني على المدى الطويل” هو تبنٍ صريح للرؤية المغربية التي تؤكد على الجدية والواقعية كسبيل وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي، وهو ما يشكل انتصاراً لنضج المقترح المغربي كحل سياسي دائم.
ثالثاً، يُظهر هذا الحدث بوضوح نجاح السيد بوريطة وفريقه في تحويل الدبلوماسية المغربية من دبلوماسية “رد الفعل” إلى دبلوماسية “الفعل” الاستباقي والمؤثر، التي لا تكتفي بالدفاع عن القضية، بل تنجح في حشد الدعم لها من داخل المؤسسات التشريعية للدول الشريكة، مما يحصّن المكتسبات الدبلوماسية للمملكة.