
الحسين بنلعايل – موطني نيوز
في ليلة استثنائية امتزج فيها عبق التاريخ بعمق الدبلوماسية، تحول مقر مجلس الشيوخ البلجيكي العريق ببروكسيل، مساء الخميس 23 أكتوبر 2025، إلى منارة ثقافية تحتفي بالعلاقات المغربية البلجيكية الراسخة. لم تكن مجرد أمسية أدبية، بل كانت احتفالية حقيقية بـ “قصص متوازية ومصائر متقاطعة”، وهو العنوان البليغ الذي اختاره الأكاديمي المرموق الدكتور حسن بوستة لمؤلفه الجديد “Entre deux rives”. وبدعوة كريمة من جمعية “أصدقاء المغرب” (Les Amis du Maroc) ورئيسها السيد فرانسيس ديلپيري، قاد الأستاذ بجامعة لييج الحضور في رحلة فكرية عميقة بين ضفتي المتوسط، مستعرضاً الجذور المتشابكة للروابط السياسية والاقتصادية والثقافية التي نسجت خيوط الصداقة المتينة بين المملكتين.

وما زاد الأمسية تألقاً ووزناً، هو الحضور الدبلوماسي المغربي الرفيع والمتميز، الذي قاده بامتياز سعادة سفير المملكة المغربية ببروكسيل والدوقية الكبرى للوكسمبورغ، السيد محمد عامر، محاطاً بشخصية دبلوماسية فذة، القنصل العام السيد منير قطيطو؛ ذلك الاسم الغني عن التعريف الذي باتت سمعته الطيبة وحسن تدبيره تسبقه في كل محفل ومدينة بتراب المملكة البلجيكية. هذا الحضور الوازن، إلى جانب وفد من القناصلة والدبلوماسيين ونخبة من الأكاديميين والطلبة، أكّد على الدعم الرسمي والشخصي لكل ما يرسخ جسور التفاهم بين البلدين.

وبينما كان الدكتور بوستة يشيد بالعلاقات الوثيقة بين العائلتين الملكيتين، كانت الأمسية تتهيأ للحظة الذروة التي جاءت مع الكلمة الختامية للسيد السفير محمد عامر. ففي لحظة تاريخية حبست الأنفاس، وبنبرة ملؤها الاعتزاز، زفّ السفير عامر للحاضرين الخبر الذي هزّ أرجاء القاعة، وهو إعلان بلجيكا في صباح اليوم ذاته اعترافها الرسمي والتاريخي بمغربية الصحراء، ودعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وفوراً، انفجرت القاعة بالتصفيق الحار، وتحولت الأجواء إلى احتفال عفوي بالبهجة والفخر، لتختتم الأمسية ليس فقط كاحتفاءٍ بكتاب، بل كشاهدٍ على ليلة توّجت فيها الصداقة المغربية البلجيكية بأرقى صورها، مؤكدةً أن “المصائر المتقاطعة” بين البلدين تسير بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
