
الحسين بنلعايل – موطني نيوز
في لحظة تاريخية حبست أنفاس الملايين، وعلى أرض سانتياغو بدولة الشيلي، لم يكن الانتصار الذي سطره أشبال الأطلس لأقل من 20 عاماً مجرد فوز بكأس العالم؛ بل كان إعلاناً صريحاً عن ميلاد جيل جديد يرفع راية المغرب في كافة المحافل. وفي قلب هذا الحدث، بين هدير الجماهير وزغاريد النصر، برز حضور لافت، يحمل في طياته دلالات أعمق من مجرد تشجيع رياضي. إنه حضور السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، الذي عبر القارات، ليس لمؤتمر سياسي هذه المرة، بل لمؤازرة “خير سفراء” للمملكة.

لم يكن غريباً أن تضج مواقع التواصل الاجتماعي بصور الوزير ناصر بوريطة في مدرجات ملعب الشيلي. فالرجل الذي عُرف بـ”الدبلوماسي الجوّال”، والذي لا تكاد حقائبه تستقر في العاصمة حتى تطير به إلى قارة أخرى لخدمة المصالح العليا للمملكة، وجد هذه المرة في السفر “عناءً مستطاباً”. لقد اختار أن يقتسم مع الجماهير فرحة اللحظة، وأن يكون شاهداً على ملحمة كروية أصبحت حديث العالم.

في بادرة استحسنتها الجماهير المغربية، حدا السيد بوريطة حدو المشجعين الأوفياء. فكما خصصت الخطوط الملكية المغربية رحلتين مباشرتين لنقل مئات الأنصار إلى أقصى الأرض لمؤازرة منتخبهم، كان الوزير هناك، ممثلاً للدبلوماسية المغربية في أبهى صورها الإنسانية والشعبية. لقد تجرد من بروتوكولات المكاتب المغلقة، وارتدى وشاح الانتماء الوطني، ليؤكد أن السياسة والرياضة، في مغرب اليوم، هما جناحان لطموح واحد.

إن تنقُّل السيد بوريطة، المعروف بملفاته السياسية الثقيلة، لمتابعة مباراة لكرة القدم، يحمل رسالة بالغة الأهمية. إنه “اعتراف” رسمي بأعلى المستويات بأن ما حققه هؤلاء الأشبال يتجاوز حدود المستطيل الأخضر. لقد كانوا “خير سفراء للمملكة المغربية في هذا المحفل العالمي”. ففي عالم أصبحت فيه “القوة الناعمة” سلاحاً دبلوماسياً فتاكاً، قدم هؤلاء الفتية للعالم صورة ناصعة عن مغرب شاب، موهوب، ومصمم على بلوغ القمة.

لقد أثبت أشبال الأطلس أن الدبلوماسية لا تُمارس فقط في أروقة الأمم المتحدة أو عبر الاتفاقيات الثنائية، بل تُمَارس أيضاً بالعزيمة على أرض الملعب، بالروح القتالية، وبالأخلاق العالية. وحضور الوزير بوريطة لم يكن مجرد مساندة، بل كان تتويجاً لهذا المفهوم؛ إنه إقرار بأن هذا الانتصار الكروي هو، في جوهره، انتصار دبلوماسي بامتياز. لقد نجح الفتية في تحقيق ما تسعى إليه الدبلوماسية كل يوم: تعزيز صورة المغرب وإشعاعه الدولي.

وبالتالي فإن صورة وزير الخارجية، وهو يشارك المنتخب الوطني فرحة التتويج العالمي، هي أكثر من مجرد لقطة عابرة. إنها تجسيد حي لرؤية ملكية تعتبر أن نجاح المغرب هو كل لا يتجزأ. اليوم، أثبت “الدبلوماسي الجوّال” ناصر بوريطة أن جميع الطرق، سواء كانت سياسية أم رياضية، تؤدي إلى هدف واحد، خدمة المغرب ورفع رايته عالياً. فهنيئاً لأشبال الأطلس هذا الإنجاز التاريخي، وهنيئاً للمغرب هذه الروح الوطنية التي تجمع بين الدبلوماسي والمشجع في خندق واحد، خندق حب الوطن.