
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في ظل مشهد سياسي يتسم بـ”استياء عام” من الأحزاب الكلاسيكية، وبحث المواطنين عن بدائل حقيقية، يبرز صوت محمد كفيل، الأمين العام لحزب “النهضة والفضيلة”، ليقدم قراءة تحليلية لأزمة التمثيل السياسي في المغرب، رابطاً إياها بشكل مباشر بآليات الدعم العمومي وهشاشة “بناء المواطن”. ففي حوار صحفي حديث، يغوص كفيل، الذي يترأس الحزب منذ حوالي عام، في تشريح دقيق لمعيقات بناء ديمقراطية حقيقية، منطلقاً من تجربة حزبه الذي يواجه تحديات قانونية أدت لتوقيف الدعم عنه، وهو ما يعتبره عرضاً لمرض أعمق.
يطرح الأستاذ محمد كفيل إشكالية جوهرية تتمثل في أن فلسفة الدعم المالي للأحزاب، القائمة على عدد الأصوات والمقاعد الانتخابية، هي مقاربة “خاطئة”. فهذا النموذج، برأيه، لا يؤسس لـ”أحزاب سياسية” تقوم بدورها الدستوري في تأطير وتوعية الشباب والمجتمع، بل ينتج “أحزاباً انتخابية” يقتصر نشاطها على المواسم الانتخابية أو بما باتت تعرف ب “الدكاكين الحزبية”، مما يكرس العزوف السياسي. ويتساءل الأستاذ محمد كفيل كيف يمكن للدولة أن تطالب الأحزاب بمهام التأطير، وهي المهمة التي تحتاج كلفة مادية، ثم تحجب عنها الدعم اللازم لذلك، مقترحاً أن يصبح الدعم مبنياً على الأوراش المنظمة والقدرة على استقطاب المنخرطين ومحاربة العزوف، معتبراً أن دعم الأحزاب الصاعدة هو المفتاح لبناء الديمقراطية.
ورغم أن حزب “النهضة والفضيلة” ينطلق من هوية ذات مرجعية إسلامية، يؤكد محمد كفيل أنها مرجعية “وسطية معتدلة”، تستند إلى “إسلام وطني مغربي أصيل” يرفض التطرف وينبذ العنف، وليس إسلاماً مستورداً. هذه الهوية تنعكس على مواقف الحزب من القضايا المجتمعية، كملف مدونة الأسرة، حيث يبدي تخوفاً من أن التعديلات المقترحة قد تضرب نواة المجتمع، معتبراً أن بعض القيود المفروضة باسم “الطرف الضعيف” أصبحت تضر بالرجل وقد تؤدي إلى “تشتت الأسر أو العزوف عن الزواج”.
وعند تحليله للاحتجاجات الشبابية الأخيرة، يرى الأستاذ كفيل أن المطالب الاجتماعية كالصحة والتعليم مشروعة، لكنه يصفها بـ”السم في العسل”، ملمحاً إلى أن هؤلاء الشباب “وظفوا” ضمن سياق عام من “الحرب الإعلامية” التي تستهدف مؤسسات المغرب. وهنا يصل الأستاذ كفيل إلى لب نقده للمنظومة ككل، فالمشكلة ليست في الاحتجاج بحد ذاته، بل في أن الدولة استثمرت في “الخرسانة والجسور” لكنها فشلت في “بناء المواطن”. هذا الفشل في البناء، المقترن بسحق الطبقة المتوسطة وارتفاع تكلفة المعيشة، ولّد “حقداً مجتمعياً” وحوّل الأفراد من “مواطنين” يشعرون بالانتماء، إلى مجرد “ساكنين” يغيب عنهم الشعور بالواجب مقابل غياب الحقوق الاجتماعية الأساسية.
ليختتم الأستاذ محمد كفيل حديثه برسالة مفادها أن الإصلاح، الذي دفعه شخصياً لدخول العمل السياسي، لن يتم إلا عبر تخليق الحياة العامة بـ”رجال صادقين”، وبإعادة الثقة بين المواطن والدولة. وهي ثقة لن تُبنى إلا بتمكين الأحزاب الجادة، لا سيما الصاعدة منها، من القيام بدورها الحقيقي في التأطير، لتتحول الديمقراطية من مجرد ممارسة انتخابية شكلية إلى واقع مجتمعي ملموس.
يمكنك مشاهدة اللقاء كاملاً هنا:
محمد كفيل: دعم الأحزاب الصاعدة مفتاح بناء الديمقراطية..وهذا تصور “النهضة والفضيلة” لحركة “زيد”