
المصطفى الجوي – موطني نيوز
بوزنيقة، منذ ثلاثة عقود، لم تُفتح أبوابها إلا لحزب الاستقلال، وظلت القلعة العصية التي تُرغم كل من يحاول اقتحامها على العودة من حيث أتى، وإن أتى بجيوش من اللجان والشكايات.
ففي كل استحقاق، كان الخصم يحسب أصواته على أطراف أصابعه، ويخرج وهو يعدّ جراحه، يُفسر هزيمته بـ”ظاهرة كريمين”، ذلك الرجل الذي تحوّل اسمه إلى مرادف للخبرة الانتخابية، وصار يُقال في الدواوين : «من يريد بوزنيقة فعليه بكريمين، ومن لا يملكه فليترك المدينة لأهلها».
لم يُهزم كريمين في صناديق الاقتراع يوماً، بل هزمه القضاء بعد سلسلة من الشكايات استقدمت لها لجان مركزية، فاختفى من المشهد، وتبعه حلم «المصباح» بأن غيابه قد يعني اختراقاً أخيراً للقلعة.
لكن بوزنيقة لا تُقاس بغياب رجل، ولا تُنتخب بذاكرة ضعيفة؛ المدينة تملك ذاكرة جغرافية لا تُمحى، تتكلم بلغة القبائل والزوايا والأسواق الأسبوعية، وتُحصي الأصوات قبل أن تُعلنها، فتجد أن «قوة الإستقلاليين» ما زالت في المقدمة، وإن اختفى من يوزعها.
يقول قيادي استقلالي لموطني نيوز : «نحن من إفتقد كريمين، لكننا لم نفتقد المنهجية، ولا في نية بوزنيقة أن تُعطي مفاتيحها لمن جاء بالشكايات بدل البرامج».
في المقابل، يحسب حزب «المصباح» أن المدينة تغيرت، وأن جيلاً جديداً لم يعرف إلا صور كريمين على الجدران قد يُعطي صوته لمن يعد بالتغيير، لكنه يكتشف، كلما اقترب من الاقتراع، أن التغيير في بوزنيقة لا يعني تبديل اللون، بل تبديل الوجوه داخل اللون نفسه.
بدأت الحملة مبكراً، واختفت العبارات التي كانت تتكرر «مع كريمين أو بدونه»، وحلّت عبارة أخرى «مع الاستقلال ولو حاربنا وحدنا»، في إشارة إلى أن المدينة قررت خوض المعركة بلا رأس واحد، لكن بجسد واحد. ومن يعيش في بوزنيقة يعرف أنها لا تُعطي مفاتيحها لمن يأتي من خارج أسوارها.
فالمعركة القادمة، إذن، ليست بين حزبين أو ثلاثة، بل بين ذاكرة مدينة وأحلام حزب عتيد، وبين من يظن أن غياب محمد كريمين هو نهاية القصة، وبين من يعرف أن القصة بدأت قبل كريمين، وستستمر بعده.
فصناديق الاقتراع، كما يقول أبناؤها، «ستقول ما عجز عنه القضاء، إن بوزنيقة باقية على عهدها، والعهد أن لا يتربع على كرسي جماعتها ويسير شأنها المحلي إلا من ينتمي إليها، لا من يأتي إليها بالشكايات» ويتشفى في عباد الله.