
المصطفى الجوي – موطني نيوز
ها هم يُكررون المشهد نفسه، يخرجون من جحورهم كالفئران الجائعة. كلما حلّ عامل جديد بإقليم بنسليمان. إنها “الشّرذمة” ذاتها، طابور الانتهازيين والمنتفعين الطويل، الذي لا همّ له سوى محاصرة المسؤول الجديد واحتواؤه قبل أن يجفّ حبر مرسوم التعيين. مهمتهم الشيطانية واحدة، تسميم أفكاره عن الإقليم وساكنته، ليحولوه من شخص فاعل، قادر على البناء والتغيير، إلى “مفعول به” عاجز، مجرّد دمية في حفلاتهم، ليخلو لهم بعدها المجال فيصولون ويجولون وهم مطمئنون.
ولكن الخديعة الكبرى لا تكمن فقط في هذا الحصار الخادع، بل في الآلة الخبيثة التي تغذيه. إنها نفس الأجهزة والجهات التي تتجرأ فتمدّ العمال بتقارير مغلوطة كاذبة، وأخرى انتقامية حاقدة، تصبح هي العدسة التي من خلالها يرى المسؤول الجديد واقع الإقليم. إنها جريمة إدارية منظمة، تُرتكب في وضح النهار، وتُمرّر تحت ذريعة العمل والمؤسسية.
والتاريخ، يا سادة، يعيد نفسه في إقليم بنسليمان بكل إجرامه وبشاعته. انظروا إلى المهزلة! ما أن أُذيع نبأ مغادرة السيد سمير اليزيدي، حتى انقلب أولئك المتملقون عليه، ناكرين فضله وأي ولاء مزعوم، ليحملوا بسرعة “الطعارج” والولاءات الزائفة للعامل الجديد، السيد لحسن بوكوتة. هذه هي أخلاقهم الحقيقية، لا مبدأ إلا المصلحة، ولا ولاء إلا للكرسي.
وها هم اليوم، خوفاً من أن يقوم السيد لحسن بكوتة بما يجب عليه، فيزور الميدان ويكشف المستور بأم عينيه، يسارعون مرة أخرى إلى “احتواء” الخطر القادم. سلاحهم؟ إغراقه بفيض من تلك “التقارير المغلوطة المسمومة والانتقامية”، ليبنوا بينه وبين الواقع سداً من الأكاذيب، ويكسروا أي جسر للثقة مع أهل الإقليم الحقيقيين. إنهم يقدمون له السمّ معلباً في علب ورقية مزخرفة باسم العمل الرسمي والمذكرات الإخبارية.
لذا، ومن هذا المنبر، وفي إطار أخلاقيات المهنة التي ترفض الصمت على الفساد، ننبه السيد العامل لحسن بوكوتة بالقول : لا تثق في كل ما يوضع بين يديك. احذر أن تكون أداة في أيدٍ خبيثة. التقارير التي تصل إليك، بعضها يحمل الحقيقة وأغلبها يحمل سموم الوشاية والحقد على هذا الإقليم وأهله. اعلم سيدي العامل أن الاعلام النزيه شريك في التنمية واداة لفضح الفساد والمفسدين. وأن أصحاب تلك التقارير المسمومة هم في طليعة الفاسدين، لأن عملهم الذي يتقنونه هو “الوشاية” ونفث السموم في آذان أي مسؤول جديد.
حاشاكم سيدي العامل، ليس الأمر توجيهاً، بل هو مناشدة، فضلاً وليس أمراً، أيها المحترم، اخرج من مكتبك. امش في أسواق الإقليم، وتفقد مشاريعه المتعثرة، استمع إلى الرعية التي حملك صاحب الجلالة أمانتها مباشرة دون وساطة هؤلاء السماسرة. “فمن رأى ليس كمن سمع”. وسوف تكتشف، كما اكتشف غيرك، أن الوجوه المبتسمة في مكتبك هي نفسها التي تخنق أحلام هذا الإقليم.
وخير ما نختتم به هو تذكير أنفسنا جميعاً بقول الله تعالى في سورة الحجرات الآية 6 : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ). فلا تصيبوا أهل إقليم بنسليمان وأنتم راعيهم بجهالة تقارير الفاسقين، فتصبحوا نادمين، و الله ولي التوفيق.