
المصطفى الجوي – موطني نيوز
انعقد مجلس جماعة خريبكة في دورته العادية لشهر أكتوبر 2025، لكن ما جرى داخله لم يكن عادياً بأي حال. المشهد تحوّل سريعاً من فضاء للمداولة والمساءلة إلى حلبة اتهامات شخصية متهورة، قادها النائب الأول للرئيس حميد العرشي، الذي وجّه كلاماً غير مسؤول تجاه الدكتورة حنان غزيل، عضوة المجلس، متهمًا إياها بـ “تأجيج الوضع الصحي” في المدينة. خطاب لا يليق بمؤسسة منتخبة، ويتجاوز كل حدود النقاش المهني والأخلاقي، حيث تم اختزال أزمة صحية معقدة في اتهامات فردية.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتدت التصريحات لتشمل إلقاء اللوم على عاتق أطباء وموظفي القطاع الصحي، في محاولة واضحة لتحميلهم وحدهم مسؤولية اختلالات تراكمية. هذا المنطق يتجاهل جوهر المشكلة، ويشكل إهانة لمهنية وكفاءة رجال ونساء يكافحون يومياً في ظروف صعبة. مثل هذه التصريحات لا تُسهم إلا في تأجيج الاحتقان، وتقويض الثقة بين مكونات المنظومة الصحية، وهو ما يعد استهانة خطيرة بمصلحة المواطن التي يفترض أن تبقى فوق كل اعتبار.
المشهد الأكثر إثارة للاستياء كان خروج العرشي المفاجئ من الجلسة، في خطوة دراماتيكية تكرّس ثقافة الهروب من النقاش بدلاً من خوضه. هذا الفعل ليس سوى دليل إضافي على عمق التصدعات والخلافات التي تعصف بالمجلس، وتحوّله إلى مسرح للصراعات الشخصية على حساب القضايا الجوهرية. مثل هذه السلوكيات تطرح سؤالاً جوهرياً: أين هي مسؤولية المنتخبين، وأين هو الحد الأدنى من الاحترام الواجب توفره في فضاء يفترض أنه مؤسسي؟
ما حدث في مجلس خريبكة ليس شأناً داخلياً عابراً، بل هو مؤشر مقلق على اختلال كبير في فهم معنى المسؤولية العامة. إن توجيه اتهامات عشوائية للأطباء والكادر الصحي، بدلاً من تشخيص الخلل الحقيقي، هو انزياح خطير عن الجوهر. المواطنون يستحقون أكثر من مشاهد تصعيدية تفتقر إلى الرصانة، ويطمحون إلى حوار جاد يضع حل الأزمة الصحية على رأس الأولويات، بعيداً عن التهريج السياسي والصراعات الضيقة.