
المصطفى الجوي – موطني نيوز
إن المد المتصاعد لخطاب التشكيك والانتقاد غير المبني على أسس قانونية أو واقعية، والذي يطال أحد رموز السلطة المحلية المباشرة، ممثلة في شخص باشا مدينة بنسليمان، لم يعد مجرد رأي يمكن تجاهله، بل تحول إلى ظاهرة تستدعي التوضيح والتبيين، انطلاقاً من مرتكزات قانونية صلبة ووقائع إدارية لا تقبل الجدل.
فمنذ الوهلة الأولى، يجب التأكيد على أن تعيين أي قائد أو باشا في المملكة المغربية ليس عملاً إدارياً عادياً أو خاضعاً لأهواء أو اجتهادات فردية. إنه قرار سيادي سامٍ يصدر بمقتضى ظهير شريف، وهو أعلى سند قانوني في التسلسل الهرمي للتشريع المغربي. هذا التعيين يخضع حرفياً لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.08.67 الصادر في 27 رجب 1429 (31 يوليو 2008)، الذي يؤطر بدقة متناهية دور ومكانة رجال السلطة المحلية كممثلين مباشرين للسلطة المركزية، وحاملين لواء تنفيذ إرادتها على أرض الواقع، انطلاقاً من دورهم الوجودي في ضمان استمرارية الدولة وأمنها واستقرارها.
إن التصور الخاطئ أو المتعمد لطبيعة عمل الباشا هو منبع الكثير من اللغط. فالباشا، وهو أحد أفراد هيئة منظمة تابعة لوزارة الداخلية ضمن فئة إطار الباشوات، ليس مسؤولاً تقليدياً فحسب، بل هو ضابط شرطة قضائية بموجب القانون، مما يمنحه صلاحيات قانونية واسعة في مجال التدخل لتطبيق القوانين وحماية النظام العام. ومع ذلك، فإن القاعدة الذهبية التي ينهجها رجال السلطة، بحكم حنكتهم وقربهم اليومي من المواطنين، هي تسوية الأوضاع بالحكمة وضبط النفس، بعيداً عن التلويح بهذه الصلاحيات القضائية إلا في أضيق الحدود وعند الضرورة القصوى.
وبالتالي فإن المهام المنوطة بباشا المدينة، والتي يمارسها تحت الإشراف المباشر للعامل ووزارة الداخلية، هي مهام استراتيجية وشاملة. فهي لا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل تمتد إلى تنظيم الملك العمومي والحفاظ عليه، ومكافحة كل أشكال التجاوزات والعشوائية التي تمس جمالية المدينة ووظيفتها، كما هو الحال في بنسليمان حيث تواجه هذه الجهود بعرقلة مستمرة من قبل من يتغذون على الفوضى والتسيب تحت شعار “خليو الناس ترزق الله” و”فين بغيتيه يمشي” و “المخزن حگار”إلخ… وهي شعارات مسمومة لا تخرج الا من فم جاهل و فاسد لا يريد ان تتغير احوال المدينة الا الاحسن.
هذا وتشمل مهامه أيضاً التنسيق الحيوي بين مختلف السلطات المحلية والمركزية، والإشراف على سير عمل المجلس الجماعي وضمان احترامه للقوانين المنظمة، دون أن يكون له حق التصويت أو إبداء الرأي، مما ينفي أي ادعاء بتدخل غير قانوني في الشأن الانتخابي المحلي.
وعليه، فإن أي حديث عن تجاوزات أو إساءة استخدام للسلطة من قبل باشا بنسليمان، خاصة ذلك الذي ينطلق من منصات وهمية تختبئ وراء شاشات وحسابات مجهولة منهم من اختبأ وراء إسم نسائي، هو حديث يفتقر إلى السند القانوني والواقعي. فهو يعمل في إطار قانوني محكم، ووفق توجيهات سلطوية عليا، وضمن رؤية تنموية واضحة. إن انتقاد الرجل دون فهم طبيعة المهام الجسيمة الموكولة إليه، والضوابط القانونية الصارمة التي تحكمها، والعراقيل الحقيقية التي يواجهها، هو ضرب من الجهل إن كان غير متعمد، أو افتراء سافر إن كان مقصوداً.
الخلاصة الحاسمة التي يجب أن يفهمها العقلاء لان كلامي لا أقصد به الجهلاء والفاشلين هي أن باشا المدينة، وفي هذه الحالة باشا بنسليمان، هو تجسيد حي لسلطة الدولة الشرعية والمنظمة. انتقاده مسموح ومكفول قانوناً للعقلاء والفاهمين، لكن شريطة أن يكون نزيهاً، موضوعياً، ومستنداً إلى فهم حقيقي للصلاحيات القانونية والإطار التشريعي الذي يعمل في ظله. فالاتهامات العاطفية التافهة والخطابات التحريضية لا قيمة لها في مواجهة حقيقة الظهير الشريف وثقل المهام المنوطة برجال السلطة، الذين يظلون حجر الزاوية في استقرار وتنمية المغرب العميق.