
المصطفى الجوي – موطني نيوز
يبدو أن الاعتقال الأخير للسيد عزيز البدراوي، الرجل القوي الذي كان يحكم شركة “أوزون” بقبضة من حديد، لم يكن سوى البداية لكشف النقاب عن فساد منهجي يتجاوز الشخص إلى النظام. لقد كان غيابه بمثابة الفتيل الذي أشعل انفجارًا كشف أن ما كان يُبنى تحت مظلة الانضباط كان قائمًا على أسس هشة من المحسوبية والانتهازية، لتتحقق مقولة “المال السايب يعلم السرقة” بأبشع صورها.
لم يعد السرّ خافيًا بعد اليوم. ففي قلب هذه العاصفة، تبرز قضية هي من الخطورة بمكان، قد تكون نموذجًا صارخًا لآلية منهجية لهدر المال العام واختلاسه بذكاء وبطريقة قانونية ظاهريًا فقط. إنها قضية مكاتب الدراسات الوهمية التي أوجدها مدير الشؤون القانونية (م.ل) في شركة أوزون، وأبرزها
KENZI CONSEIL
EVEREST ENVIRONNEMENT
GEOSCOPIE INGENIERIE
اللافت في هذه المكاتب ليس وجودها واختفاؤها فجأة فقط، بل الهندسة الدقيقة التي بُنيت بها. فهي لم تُؤسس في أروقة مجهولة، بل وسط الإدارة العامة للشركة الأم نفسها. والأكثر غرابة هو تسلم أشخاص يُرمز لهم بـ “ب.ع” و “س.ح” والقائمة طويلة – وهم من المقربين من دوائر القرار – لإدارتها. هذه ليست صدفة، بل هي هندسة مالية مشبوهة بامتياز.
الغاية من هذه الهندسة، كما هو واضح، كانت واضحة المعالم والاهداف، عقد اتفاقيات مع الجماعات الترابية التي تتعامل مع “أوزون” في إطار التدبير المفوض لخدمات النظافة. مهمة هذه المكاتب المزعومة؟ مراقبة ومتابعة تنفيذ الخدمات التي تقدمها أوزون نفسها ومدى احترامها للبنود التعاقدية. بمعنى أوضح، تقوم الجماعة وفي اطار صفقة نعلم جيدا كيف تمر بتوكيل مكتب “دراسات” لمراقبة أداء الشركة النائلة للصفة التدبير المفوض! ثم يتم مكافأة هذا المكتب الوهمي بما يعادل 1.5% من مبلغ رقم أعمال الإدارة المفوضة سنويًا بحسب الاتفاق المبرم (الصورة)، وهو مبلغ ضخم يُضخ مباشرة في حساباتها.
هذه الآلية ليست مجرد تعاقد غريب، بل هي شكل متطور من أشكال الاختلاس والهدر الممنهج للمال العام. إنها عملية لغسيل الفساد تحت غطاء “استشارات” وهمية. السؤال الذي يفرض نفسه، أين كانت رقابة رؤساء هذه الجماعات؟ هل كانوا على علم بهذه الآلية المشبوهة أم أنهم كانوا غائبين أو، والأمر نفسه، متواطئين ضمنيًا؟ والتي سنعمل على نشر كل اتفاقية على حدة في المقالات القادمة.
ولكن النموذج الأكثر فجاجة ووقاحة هو ما حصل في جماعة بنسليمان. فمكتب الدراسات الذي وقع عليه الاختيار للقيام بهذه “المهمة” تم تأسيسه في 19 يناير 2019. وبعد 12 يومًا فقط، أي في 31 من الشهر ذاته، وقّع اتفاقية مع الجماعة. إنها سابقة خطيرة في تاريخ التعاقد العمومي. فكيف يمكن لمكتب حديث النشأة، بدون تاريخ، بدون خبرة، بدون فريق عمل معروف، أن يفوز بصفقة عمومية بهذه السهولة؟ الجواب واضح، لأن المنافسة كانت مزورة، والمعيار لم يكن الكفاءة، بل الولاء والتبعية. فمن محاسن الصدف ان مديرة مكتب الدراسات المتعاقد مع جماعة بنسليمان هي زوجة شقيق الرئيس المدير العام لمجموعة أوزون للبيئة والخدمات.
هذه القضية تطرح سؤالًا وجوديًا حول آليات الرقابة في بلادنا، إذا كانت الجماعة هي من تختار من يراقب الشركة، وتدفع له من أموال العموم، فمن يحمى المال العام؟ إذا كان الخصم هو نفسه القاضي، فإلى من نلجأ؟ لقد تجاوز الأمر كونه فشلًا إداريًا ليصبح استهانة صارخة بذكاء المواطن وبمبادئ الحكامة الجيدة.
إن ما حدث في جماعة بنسليمان تحت مظلة شركة أوزون الشاوية هو جرس إنذار يدق بقوة. هذه الحالة ليست شذوذاً عن القاعدة، بل هي نموذجٌ ساطع لكيفية تحويل المال العام إلى غنيمة، وتطويع الآليات القانونية لخدمة مصالح ضيقة. إنها دعوة صارخة لفتح تحقيق قضائي شامل لا يقتصر على الملاحقة الرمزية، بل يغوص في أعماق هذه الشبكة ليكشف كل الخيوط والحلقات المتورطة، من المنفذين إلى المتسترين. وكم من مكتب دراسات وهمي فاز بالصفقات في هذه الارض السعيدة.
هذا الأمر يفرض على كل مسؤول امني و قضائي، وفي كل جماعة ترابية ومؤسسة عمومية، وقفة صادقة مع الذات، كم عقداً مماثلاً وُقع تحت طائلة الاستعجال أو بدعوى الخبرة المزعومة؟ كم مكتب دراسات وهمياً تسلل عبر ثغرات النظام لينهش من المال العام؟ الصمت اليوم والتخاذل عن مواجهة هذه الممارسات ليس مجرد تقصير، بل هو تواطؤ صريح يدفع ثمنه المواطن من جيبه وجودة الخدمات التي يتلقاها ومن ثقته في مؤسسات دولته.
لقد آن الأوان لمساءلة من يعتقد أن دوائر الفساد محصنة، وأن الرقابة مجرد حبر على وقد حان الوقت لتحول هذه الصفقات من ظلام الغرف المغلقة إلى نور المحاكم العلنية.
وكما وعدناكم فتحت ايدينا مجموعة من الاتفاقيات التي ابرمتها جماعات ترابية مع مكاتب دراسات وهمية، تم طبخها داخل الادارة العامة لمجموعة أوزون للبيئة و الخدمات بالرباط. والتي سنتطرق لها تباعا.
ونعني بالقول على سبيل المثال لا الحصر كل من الجماعات الترابية التالية : الخميسات، السعيدية، الفقيه بن صالح، الصويرة و بوزنيقة. كما نؤكد أن سبب هذه الكوارث كلها التي تغرق فيها شركة أوزون والاحتقان الحاصل بين العمال و الموظفين و الاداريين من زرع للفتنة سببه “صاحبة الفيرمة” المدعوة (أ.ر) التي هددت احد الموردين عندما طالبها بمستحقاته بانها ستدخله السجن وانها تتحكم في جهاز الدرك الملكي وبإشارة بسيطة من خنصرها يمكن ان يعيش احلك ايامه، اي قوة واي نفود هذا؟ ومن هي الجهة التي تحميها و تتستر عليها ؟ خاصة فيما يتعلق بمنتجع الزيايدة بلاص..!
و للحديث بقية انتظرونا.





