مقالع بنسليمان : بين حقائق التنمية وأوهام الابتزاز الإعلامي المفضوح

مقالع المغرب

المصطفى الجوي – موطني نيوز

في سياق إعلامي مشحون بالعواطف والمغالطات، تبرز بعض الأصوات في إقليم بنسليمان محاولة تشويه صورة قطاع حيوي يساهم في عجلة التنمية، وهو قطاع المقالع. بدلاً من نقاش موضوعي يعكس الإيجابيات ويتناول التحديات بواقعية، يسقط البعض في فخ الخطاب العاطفي المبني على عموميات واتهامات جوفاء تخلط بين الحقائق الثابتة والمبالغات المفتعلة، في محاولة يائسة للابتزاز وخلق الإثارة على حساب المصلحة العامة.

من يتحدث عن “الابتزاز بشكل مشوه وبائس” يكون قد وصف بدقة ما تمارسه بعض هذه المنابر التي تمتهن الابتزاز الإعلامي. فبدلاً من تقديم تحليل متوازن، يتم تصوير المقالع وكأنها كائن غريب جاء ليدمر المنطقة، متناسين أو متغافلين عن الدور المحوري الذي تلعبه هذه المنشآت في تشييد البنى التحتية للمغرب الحديث. أليست هذه المقالع هي التي تمد مشاريع الطرقات، والسدود، والمستشفيات، والمدارس، والمساكن بالمواد الأساسية؟ أليست مصدر رزق لمئات العائلات في الإقليم بشكل مباشر وغير مباشر؟ هذا الدور التنموي الجوهري يتم إغفاله عمداً لتركيز الضوء حصرياً على سلبيات مُبالغ فيها.

إن الحديث عن “هجرة العشرات” بسبب الغبار هو ضرب من المبالغة الدرامية التي تفتقر إلى أي سند إحصائي أو واقعي. كما أن اتهام الشاحنات وحدها بـ “تكسير وتخريب الشبكات الطرقية” يتجاهل حقيقة أن هذه الشاحنات هي التي تنقل مواد بناء تلك الطرقات نفسها والتي تخدم الساكنة بأكملها. المسؤولية مشتركة بين النقل والصيانة، وليست حكراً على جانب واحد.

لا ينكر عاقل أن أي نشاط صناعي، بما فيه استغلال المقالع، له انعكاساته البيئية التي يجب التصدي لها بصرامة. ولكن الطرح الموضوعي يختلف جذرياً عن خطاب التشويه. لقد كانت السلطات الإقليمية ولا تزال حاضرة للرقابة وفرض الالتزام بالشروط، والعمل جارٍ دوماً على تطوير معايير أكثر صرامة لضمان سلامة البيئة وصحة المواطنين. إن وجود بعض التجاوزات – وهو أمر موجود في كل القطاعات وفي كل بقاع العالم – لا يبرر أبداً تعميم الصفة وإطلاق أحكام قاسية على قطاع بأكمله وتجاهل الجهود الجبارة المبذولة للارتقاء به.

السؤال الجوهري الذي يتجنبه أصحاب خطاب التشويه هو، من المستفيد الحقيقي من هذا التحريض؟ هل هو المواطن الذي يريد تنمية حقيقية وفرص شغل؟ أم أن الأمر يتعلق بمصالح ضيقة وأجندات شخصية تحاول تسويق نفسها تحت شعارات بيئية براقة تخفي وراءها أهدافاً غير نبيلة؟

إن ساكنة بنسليمان الحقيقية، الغيورة على مصلحة إقليمها لا يتكلم اي كان بلسانها كذبا، لأنها تدرك الفرق بين النقد البناء الهادف إلى التحسين، والخطاب الهدام الذي يريد أن يحرم المنطقة من أحد روافد تنميتها تحت دعاوى كاذبة ومصالح شخصية. إنها تثق في مسارها التنموي وتثق في يقظة السلطات لمعاقبة كل من يخل بالضوابط، دون المساس بحق مشروع في العمل والإنتاج.

كفى من الإبتزاز، كفى من التضييق على المستثمرين في إقليم بنسليمان فرائحة إبتزازكم المتعفنة أزكمت الأنوف، وندعو إلى نقاش وطني جاد وعقلاني حول قطاع المقالع، يقوم على المعطيات العلمية والاقتصادية الحقيقية، بعيداً عن العواطف والاتهامات الفضفاضة والتي نعلم جيدا الغرض منها. فالتنمية ليست شعارات ترفع، بل إرادة تُبنى على الحقائق، وحقائق بنسليمان تقول إن مقالعها هي شريان تنميتها، وليس سبب شقائها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!