
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في خطوة تثير الاستغراب والاستفهام، رصدت عدسة كاميرا موطني نيوز عملية تجهيز ضخمة لأرض فلاحية شاسعة بدوار أولاد بوعزة بجماعة عين تيزغة (إقليم بنسليمان)، حيث تم تركيب أكثر من 300 عمود كهربائي (إسمنتي) بلوازمها بالكامل، بالإضافة إلى مركزين لتوزيع الطاقة الكهربائية، وذلك في أرض تتجاوز مساحتها 60 هكتاراً.
المشهد المثير للجدل لا يكمن فقط في حجم التجهيزات غير الاعتيادية لأرض فلاحية، بل في حقيقة أن هذه الأرض، حسب المعطيات المتوفرة، هي عبارة عن ملكية خاصة تعود إلى أحد أصول عائلة رئيس سابق للجماعة، وهي خالية من أي سكن أو استيطان بشري، ما يدفع إلى طرح سؤال جوهري حول مبررات وشرعية استفادتها من مثل هذه الخدمة العمومية بكل هذا الحجم والكلفة.
في قلب هذه القضية، تطفو على السطح تساؤلات قانونية وأخلاقية عميقة، أبرزها : إذا كانت هذه التجهيزات تمت بموجب صفقة عمومية وبتمويل من المال العام، فما هو المصلحة العامة التي تبرر إنفاق موارد الجماعة على خدمة أرض خاصة وخالية؟ وما هي الآليات القانونية التي سمحت بذلك؟ وإذا كانت التجهيزات على نفقة المالك الخاص، فكيف سمحت الجهات المعنية بإقامة بنية تحتية بهذا الحجم دون وجود مشروع واضح ومصرح به، خاصة في أرض فلاحية؟
الأمر الذي يزيد من حدة هذه التساؤلات هو المعاناة الحقيقية التي يعيشها عدد من الساكنة داخل نفس النفوذ الترابي للجماعة، والذين ينتظرون سنوات طويلة للحصول على عمود كهرباء واحد ينير بيوتهم ويحسن من ظروف عيشهم، مما يفتح الباب أمام مقارنة مؤسفة تكرس شعوراً بعدم المساواة وتفضيل المصالح الخاصة على حساب الحاجيات الجماعية للمواطنين.
انطلاقاً من مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة والحق في تقديم الملاحظات والمقترحات، وفي إطار الاحترام الكامل لمبدأ افتراض البراءة وعدم إصدار أي أحكام مسبقة، فإن هذه الواقعة تستدعي تدخلاً عاجلاً وفحصاً دقيقاً من قبل الجهات الرقابية المختصة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة الداخلية وعامل إقليم بنسليمان، للتحقق من طبيعة وشرعية الصفقة التي تقف وراء هذه التجهيزات، ومصدر تمويلها، والوثائق الإدارية التي أجازتها، والغرض الحقيقي منها.
فالشفافية والمحاسبة هما حجر الزاوية في بناء ثقة المواطنين في مؤسساتهم، ومسؤولية الجهات المعنية الآن هي فتح تحقيق شامل للكشف عن كافة التفاصيل والإجابة على كافة التساؤلات المطروحة، لتوضيح الحقيقة للرأي العام، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق أي مخالفة ثبت ارتكابها، وذلك حفاظاً على المال العام وصوناً لمبادئ العدالة وتكافؤ الفرص.