
الحسين بنلعايل – موطني نيوز
ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد صراع عسكري عابر، بل هو عملية إبادة جماعية بكل المعايير الإنسانية والقانونية، كما يصفها الأمير هشام العلوي. هذه المقولة ليست مجرد توصيف عاطفي لأوضاع إنسانية مأساوية، بل هي تحليل يستند إلى معطيات واقعية وتاريخية. فالفلسطينيون، وفقاً للعلوي، لن يكرروا مصير الهنود الحمر، ولن يسمحوا بأن يُمسح وجودهم من على الخريطة، وسيواصلون مقاومتهم حتى النهاية. هذا التصريح لا يعكس فقط إدانة أخلاقية، بل يشير إلى حقيقة جيوسياسية عميقة تتمثل في أن إسرائيل، رغم انتصارها العسكري، قد خسرت سياسياً وأخلاقياً. فمحاولة طرد الفلسطينيين لن تكون سوى لحظة انفجار للغضب المتراكم في المنطقة، مما يهدد باستدامة عدم الاستقرار.
الحل التقليدي القائم على فكرة الدولتين أصبح مستحيلاً بسبب سياسات الاستيطان الإسرائيلية التي أنهت أي أمل بتطبيقه. وهذا يفتح الباب أمام صيغ بديلة قد تفرضها الوقائع على الأرض، مثل الكونفدرالية أو السيادة المشتركة. هذه الخيارات، رغم عدم نضجها بعد، تعكس حاجة ملحة لإعادة تصور مستقبل الصراع خارج الأطر التقليدية.
أما على الصعيد المغربي، فإن العلوي يسلط الضوء على طبيعة العلاقة مع إسرائيل التي يراها “هيكلية” منذ عهد الملك الحسن الثاني، لكنه يطالب بإعادة تعريفها اليوم. هذه إعادة تعريف يجب أن تقوم على الحوار مع المجتمع المدني الإسرائيلي، وليس مع حكومة نتنياهو المتطرفة. هذا الطرح ليس انعزالياً، بل هو دعوة لتفكيك الشرعية الدولية الممنوحة لإسرائيل، والبحث عن حلفاء جدد داخل إسرائيل نفسها.
وفي السياق الداخلي، يدعو العلوي إلى دور “أخلاقي” للملكية في أي انتقال ديمقراطي، محذراً من تجاوزات الأجهزة الأمنية التي تمارس التشهير والابتزاز، مما يهدد النسيج الوطني. هذه النقطة تثير سؤالاً حول التوازن بين الأمن والحرية، وكيفية بناء دولة قانون تحمي المواطن دون تهديد وحدته المجتمعية.
أما بخصوص العلاقات مع إسبانيا، فيؤكد العلوي أن سبتة ومليلية “أراضٍ مغربية تاريخياً”، لكن الحل يجب أن يكون عبر الحوار وليس القوة. هذا الموقف يعكس رؤية واقعية تدعو إلى الدبلوماسية كأداة وحيدة لحل النزاعات، حتى في أكثر القضايا حساسية.
وبالتالي، تحليل الأمير هشام العلوي يقدم رؤية متكاملة تربط بين القضية الفلسطينية والأوضاع الإقليمية والداخلية. إنه ليس مجرد انتقاد للواقع، بل هو دعوة لإعادة تعريف المفاهيم والتحالفات واستراتيجيات العمل. فالإبادة الجماعية في غزة ليست فقط مأساة إنسانية، بل هي أيضاً اختبار لأخلاقية العالم، وكيفية استجابة المجتمع الدولي لتحديات القرن الحادي والعشرين.