
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في إطار المتابعة المستمرة لشؤون المدينة وخدماتها الأساسية، تبرز قضية النظافة كأحد الملفات الشائكة التي تهم كل أسرة من أسر مدينة السيبة. وتتعلق المتابعة الحالية بالأداء الفعلي لشركة “أڤيردا”، الشركة المتعاقدة حديثاً مع الجماعة الترابية لتسيير خدمة جمع النفايات المنزلية.
من الملاحظ جداً للمواطن والمراقب على حد سواء، أن جزءاً لا يستهان به من الحاويات المنتشرة في الأحياء لا تزال تحمل شعار شركة “أوزون” السابقة، مما يدفع إلى طرح سؤال مشروع حول طبيعة التجهيزات التي تعتمدها الشركة الحالية لتقديم الخدمة، ولماذا لم يتم استبدال هذه الحاويات التي تحمل هوية منافسها السابق، خاصة في ظل عقد قيمته المالية المعتبرة والتي تصل إلى 900 مليون سنتيم، وهي أموال تدفع من رسوم يتحملها المواطنون.
كما تثير هذه الوضعية استفهاماً آخر حول مصير الأسطول والمعدات التي كان من المفترض أن تستثمر فيها الشركة الجديدة لضمان خدمة أفضل، خاصة إذا ما تذكرنا أن سبب إنهاء عقد الشركة السابقة كان يرتبط، حسبما أفادت تقارير إعلامية ومحاضر إدارية، بعدم كفاية المعدات واهترائها وسوء حالتها الميكانيكية. فكيف نفسر أن تكون نفس الأدوات، وربما نفس الإشكالات، قائمة تحت مسمى متعاقد جديد؟
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى مشكل بيئي كبير تمثل في فتح مطرح عشوائي للنفايات داخل النسيج الحضري للمدينة، وتحديداً في منطقة “زبالة البوراقي”، وهي أرض تابعة للدولة. وتكمن الخطورة في تحويل هذه الأرض إلى مفرغة مؤقتة، حيث يتم تجميع النفايات هناك قبل إعادة تحميلها على شاحنات كبيرة “رموك” ونقلها إلى المطرح القانوني في “بني يخلف”. هذه الممارسة، بالإضافة إلى آثارها البيئية والصحية السلبية على الساكنة المجاورة، تطرح تساؤلاً حول جدوى الاقتصاد في التكلفة “المازوط” على حساب السلامة البيئية وصحة المواطنين.
وفي سياق متصل، يشير المراقبون إلى أن عدد العمال في الشركة الحالية قد تقلص بشكل ملحوظ مقارنة بعددهم في عقد الشركة السابقة، حيث كان يعمل بأوزون 154 عاملاً، بينما لا يتجاوز عددهم اليوم 104 عاملاً، رغم أن قيمة العقد الحالي أعلى. هذا التناقص في اليد العاملة يثير استغراباً حول معايير تحسين الخدمة وجودتها الموعودة.
من المهم التأكيد هنا أن الهدف من هذه التساؤلات ليس اتهام أي من الشركات العاملة في القطاع او غيرها، فهي في النهاية كيانات اقتصادية استثمارية تهدف إلى تحقيق الربح في إطار القانون وبأقل الخسائر وهذا حقها “اللهم زد وبارك”، ولكن جوهر الاستفسار موجه بالدرجة الأولى إلى الجهات المسؤولة عن المراقبة والمتابعة والمحاسبة الجهة المتراخية في اداء واجبها، سواء على مستوى الجماعة الترابية أو السلطات المحلية والإقليمية. فمن واجب هذه الجهات توضيح هذه النقاط الغامضة، وضمان الشفافية في تدبير المال العام، والتحقق من التزام المتعاقدين ببنود الصفقات المبرمة، والحفاظ أولاً وأخيراً على المصلحة العامة وصحة وسلامة المواطنين.
إن ساكنة مدينة السيبة تستحق توضيحات واضحة وخدمة في مستوى التطلعات، بعيداً عن أي إشكالات إدارية أو تعاقدية. والمسؤولية الكبرى في تحقيق ذلك تقع على عاتق من أوكلت إليهم مهمة الحفاظ على المال العام وصحة المواطن والبيئة.
التاريخ يعيد نفسه في مدينة السيبة و إقليم الفساد، وفساد المسؤولين حتما سيفسد كل من حوله وبالتالي نقول : “اذا كان رب بالبيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص”.