
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في تطور يسلط الضوء على التحديات الإدارية التي تواجه التنمية المحلية، علم “موطني نيوز” من مصادر مطلعة أن عامل إقليم بنسليمان وجه ردا حاسما إلى جماعة “أهل الكهف” التي يترأسها الولي الصالح سيدي محمد أجديرة، بعدما تقدمت بطلب لتوظيف أطر جديدة. حيث أفادت المصادر بأن رد السيد العامل كان واضحا وصريحا، مفاده أن لدى الجماعة عدداً من الموظفين يتطلب أساسا تفعيل عملهم وتحسين أدائهم قبل التفكير في تعيينات جديدة.
هذا الرد القوي من السلطة الإقليمية يأتي في سياق أوسع تتزايد فيه التساؤلات حول جدوى ونجاعة السياسات الحكومية في مجال تبسيط المساطر الإدارية، والتي يبدو أن تطبيقها على أرض الواقع في إقليم بنسليمان يعاني من إشكالات كبيرة. فقد تلقى الموقع مجموعة من الشكايات المقلقة من مستثمرين ومواطنين، تشير إلى أن بوابة “رخص” الإلكترونية، التي من المفترض أن تكون أداة لتحسين الخدمات وتسهيل الإجراءات، قد تحولت إلى مصدر للإحباط وتعطيل مصالح الناس.
وأكد أصحاب هذه الشكايات أن ملفاتهم المودعة عبر هذه البوابة تواجه تجاهلاً تاماً من قبل معظم الجماعات الترابية في الإقليم، باستثناء جماعة بوزنيقة والوكالة الحضرية، اللتين يبدو أنهما الوحيدتان الملتزمتان بالعمل على هذه المنصة بشكل فعال. أما باقي الجماعات، فيتواطأ موظفوها، حسب المشتكين، بعدم ولوج البوابة ودراسة الملفات المقدمة فيها، مما يتسبب في إعاقة واضحة لمسار الاستثمار، وخاصة فيما يتعلق بملفات رخص البناء التي تعتبر حيوية من أجل التنمية المحلية.
هذه الوضعية تطرح عدة تساؤلات جوهرية، هل على علم السيد عامل الإقليم بهذه الفوضى الإدارية المقصودة والتي تبدو ممنهجة في معظم جماعات الإقليم؟ وما هو السبب الحقيقي وراء هذه اللامبالاة وعدم الاكتراث من قبل بعض الموظفين، رغم تقاضيهم لأجورهم بشكل منتظم؟ والأهم من ذلك، ما هي جدوى إنشاء منصات إلكترونية وتبني شعارات طموحة مثل “تبسيط المساطر” إذا كنا نفتقر إلى الموارد البشرية الكافية والكفأة، أو الإرادة الحقيقية، لتشغيلها بشكل يخدم المواطن ويحفز الاستثمار؟
إن ما يحصل في إقليم بنسليمان، إذا صحت التقارير الواردة، هو ليس مجرد إهمال إداري عابر، بل هو إهدار للفرص وتعطيل لعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يتطلع إليها الساكنة. وهو يستدعي تحركاً عاجلاً ومسؤولاً من السلطات المعنية للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء هذا الخلل.
وفي هذا الإطار، فإن الدور المنوط بالسيد عامل الإقليم، كأعلى سلطة تنفيذية إقليميا، يصبح محورياً. فالمطلوب هو تحرك شخصي وسريع لإجراء تفتيش داخلي دقيق، للوقوف على حقيقة العمل على منصة “رخص” في كل جماعة، وتحديد أماكن الخلل والمسؤوليات، واتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة في حق كل موظف مقصر أو متهاون في أداء واجبه.
المواطنون والمستثمرون ينتظرون أكثر من مجرد شعارات. هم ينتظرون خدمات فعلية، إجراءات ميسرة، وموظفين يعون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم. إن مصداقية الإدارة وسمعة الإقليم واستقطابه للاستثمارات هي على المحك، والوقت لم يفت بعد لتصحيح المسار وإعادة الثقة في هذه الخدمات التي من المفترض أن تكون في صلب عملية التنمية.