بنسليمان : كارثة “اللسان الأزرق” تفتك بقطعان الغنم و أونسا في سبات عميق

مرض اللسان الأزرق

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في الوقت الذي تشتكي فيه الأوساط الفلاحية ومربو الماشية من تفشي مرض “اللسان الأزرق” الفتاك الذي يهدد قطعان الأغنام في مناطق مختلفة من المملكة، وتحديداً بعد أن انتقل من نواحي بوزنيقة في اتجاه منطقة سيدي بطاش، يبقى الصمت المطبق هو السمة الغالبة على رد فعل الجهات المسؤولة، وعلى رأسها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا). هذا الصمت المريب يثير تساؤلات عديدة حول مدى جدية هذه الإدارة في التعامل مع كارثة بيطرية وشيكة، وحول مدى التزامها بمهامها الأساسية في حماية الثروة الحيوانية الوطنية. فهل باتت “أونسا” غير معنية بما يتعرض له مربو الماشية من خسائر فادحة؟ أم أن الأمر يتعدى ذلك ليصبح تحدياً صارخاً للجميع؟.

مرض “اللسان الأزرق”، أو الحمى الرشحية، هو مرض فيروسي غير معدٍ بشكل مباشر، يصيب المجترات كالأغنام والأبقار والماعز، وينتقل بشكل أساسي عبر لدغات الحشرات الماصة للدم، وخاصة حشرة “الناموس القارص”. يتميز هذا المرض بأعراضه الوخيمة التي تشمل تورماً في الوجه واللسان، وتغير لون اللسان إلى الأزرق، بالإضافة إلى الحمى والعرج وصعوبة التنفس. هذه الأعراض تؤدي في كثير من الأحيان إلى نفوق الحيوانات المصابة، مما يشكل تهديداً حقيقياً للثروة الحيوانية ومصدر رزق الآلاف من مربي الماشية. وقد سجلت تقارير عديدة انتشار هذا المرض في مناطق مختلفة من المغرب، بما في ذلك إقليم إفران وتازة، والآن يتمدد ليطال نواحي بوزنيقة وسيدي بطاش.

ففي خضم هذه الأزمة المتفاقمة، يبرز دور المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) كحجر الزاوية في إدارة الأزمات الصحية الحيوانية. فمن مهام “أونسا” الأساسية ضمان المراقبة والحماية الصحية للرصيد الحيواني على المستوى الوطني، ومكافحة الأمراض الحيوانية، وتعزيز مناعة القطيع الوطني ضد الأوبئة. ومع ذلك، فإن الشكاوى تتوالى من مربي الماشية حول بطء استجابة “أونسا” وتقاعسها عن اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انتشار مرض “اللسان الأزرق”. ففي الوقت الذي تتمدد فيه رقعة المرض، وتتزايد فيه أعداد النفوق بين الأغنام لأكثر من شهر، تبدو الإدارة وكأنها في سبات عميق، لا تحرك ساكناً إلا في المناسبات، رغم أن انتشار الفوضى في هذا القطاع يدخل في صلب اختصاصاتها. إن هذا التهاون يثير علامات استفهام كبرى حول مدى التزام “أونسا” بمسؤولياتها في إقليم بنسليمان، وهل مرض “اللسان الأزرق” لا يشكل خطراً يستدعي فتح تحقيق عاجل واتخاذ تدابير وقائية وعلاجية فعالة؟ أم أننا ننتظر دائماً حتى تعم الكارثة لنتحرك؟

إن الوضع الراهن يستدعي تحركاً عاجلاً وفعالاً من قبل “أونسا” وجميع الجهات المعنية. فالثروة الحيوانية ليست مجرد أرقام، بل هي مصدر رزق آلاف الأسر، وعمود فقري للاقتصاد الوطني. إن استمرار الصمت والتقاعس عن مواجهة هذه الكارثة سيؤدي حتماً إلى تفاقم الأزمة، وتكبيد مربي الماشية خسائر لا تعوض فمربي واحد بجماعة سيدي بطاش فقد أزيد من 20 رأس ماعز و أزيد من 6 رؤوس غنم. فمتى ستتحرك هذه الإدارة التي يبدو أنها غير معنية بما يتعرض له قطعان الغنم في إقليم بنسليمان؟ وهل مرض “اللسان الأزرق” لا خوف منه إلى درجة لم تكلف نفسها فتح تحقيق في الموضوع؟ أم أننا دائماً ننتظر حتى تعم الكارثة ليمكننا فعل شيء؟ إن مربي الماشية ينتظرون إجابات واضحة وإجراءات حاسمة، قبل أن تتحول هذه الأزمة إلى كارثة لا يمكن تداركها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!