
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في خطوة جريئة ومحورية تهدف إلى استعادة هيبة إقليم بنسليمان وتطهيره من براثن الفساد الإداري والمالي، يقود الحسين بوكوطة، العامل الجديد للإقليم، حملة تطهيرية واسعة النطاق تستهدف جذور الفساد التي تغلغلت في مفاصل الإدارة المحلية على مدى سنوات طويلة. هذه المهمة النبيلة والقوية، التي قد تستمر لعامين، تأتي في إطار استراتيجية محددة لإعادة الإقليم إلى الطريق القويم بعد أن باتت سمعته في الحضيض بسبب الانتشار الكبير للفساد الإداري والمالي وما رافقهما من ابتزاز للمستثمرين.
فمنذ توليه مهامه، أظهر السيد بوكوطة عزماً لا يلين في مواجهة كل أشكال الانحراف والخروج عن القانون، حيث عمد إلى نفض التراب عن مجموعة من ملفات العزل التي انتظرت طويلاً على رفوف مكتب العامل السابق. هذه الملفات، التي كانت تحمل في طياتها قضايا فساد وسوء تسيير خطيرة، شكلت نقطة انطلاق لحملة التطهير الشاملة التي يقودها العامل الجديد بكل نفوذه وقوته بحسب التعليمات التي جاء بها.
وفقاً للمعطيات التي حصل عليها موطني نيوز، فقد شملت قرارات العزل الأولى رئيسة جماعة أحلاف عن حزب التقدم والاشتراكية، والرئيس السابق عن حزب التجمع الوطني للأحرار، في خطوة تؤكد أن حملة التطهير لا تستثني أي طرف سياسي أو حزبي. كما امتدت هذه القرارات لتشمل خمسة مستشارين من مدينة بنسليمان، على رأسهم رئيس الجماعة وابنه، بالإضافة إلى أحد نوابه ومستشارين آخرين، وذلك بسبب سوء التسيير والتدبير وتضارب المصالح وتهم الرشوة والتدخل في شؤون المجلس.
لم تتوقف حملة التطهير عند هذا الحد، بل امتدت لتطال جماعة فضالات، حيث وُجهت قرارات العزل لرئيسة الجماعة ونوابها الأربعة، استناداً إلى التقارير السوداء الصادرة عن المجلس الجهوي للحسابات والمفتشية العامة لوزارة الداخلية. هذه التقارير كشفت عن مخالفات جسيمة في التسيير المالي والإداري، مما استدعى تدخلاً حاسماً من قبل العامل الجديد.
وفي سياق متصل، تم عزل ثلاثة مستشارين بسبب غيابهم المتكرر بدون عذر مقبول، حيث سيبت مجلس بوزنيقة في أمرهم خلال دورة استثنائية للتصويت على عزلهم من عدمه. هذا الإجراء يعكس الحزم الذي يتعامل به العامل الجديد مع كل أشكال الإهمال وعدم الالتزام بالواجبات المهنية.
وبما أن السيد العامل يمضي قدماً في هذا الصدد، فقد علم موطني نيوز أن لجماعة المنصورية نصيبها من قرارات العزل، مما يؤكد أن الحملة التطهيرية تشمل جميع أنحاء الإقليم دون استثناء. هذا النهج الشامل يهدف إلى إرسال رسالة واضحة مفادها أن عهد الإفلات من العقاب قد ولى إلى غير رجعة.
في إطار إعادة تنظيم الهياكل الإدارية والسياسية، تقرر تنظيم انتخابات يوم الاثنين المقبل بتعليمات من السيد العامل لاختيار نواب لرئيس المجلس الإقليمي. وبحسب المعلومات الدقيقة المتوفرة، فإن الاختيار وقع على كل من المستشارين عن حزب الاستقلال، ويتعلق الأمر بالسيد بن الزريع والشتيوي، في خطوة تهدف إلى ضمان استمرارية العمل الإداري بكفاءة وشفافية.
ففي اتصال مع رئيس المجلس الاقليمي اكد لنا انه هو من دعا إلى انتخاب المناصب الشاغرة وان المنصبين من حق حزب الاستقلال في اطار التحالف المبرم مع الاحزاب الثلاثة، ويبقى المجلس سيد نفسه.
وبالتالي فإن النهج الذي يتبعه السيد العامل يتميز بالحزم والعدالة، حيث توعد بالضرب بيد من حديد على كل من تثبت في حقه خروقات للقانون سابقا ومستقبلا، مهما كانت طفيفة. هذا الموقف الحازم حظي بإشادة واسعة من قبل المواطنين والمراقبين، الذين رأوا فيه بداية عهد جديد من النزاهة والشفافية في إدارة شؤون الإقليم.
فالتهديدات التي أطلقها السيد العامل بحضور كل المسؤولين الإداريين والمنتخبين في اجتماعاته تعكس جدية النهج المتبع في مكافحة الفساد. هذه التهديدات ليست مجرد كلمات في الهواء او فقاعات الصابون، بل هي التزام حقيقي بتطبيق القانون وإعادة الهيبة للمؤسسات العمومية بالإقليم.
وفي تطور لافت، تشير بعض التكهنات إلى أن السيد عبد الفتاح الزردي من المحتمل أن يقدم استقالته من المجلس الإقليمي للتفرغ لجماعة فضالات مسقط رأسه. هذا التطور، إن تحقق، سيكون جزءاً من عملية إعادة التموضع السياسي التي تشهدها المنطقة في ظل الحملة التطهيرية الجارية.
إن ما يقوم به الحسين بوكوطة في إقليم بنسليمان يمثل نموذجاً يحتذى به في مكافحة الفساد وإعادة الثقة في المؤسسات العمومية تماما كتحرير الملك العام من المحتلين الذي قاده باشا بنسليمان. هذه الحملة التطهيرية، التي تستهدف جذور الفساد دون تمييز أو محاباة، تبعث برسالة قوية مفادها أن العدالة ستطال كل من تسول له نفسه العبث بالمال العام أو استغلال المنصب لتحقيق مكاسب شخصية.
لأن النجاح في هذه المهمة النبيلة سيكون له تأثير إيجابي كبير على مناخ الاستثمار في الإقليم، حيث سيعيد الثقة للمستثمرين الذين عانوا طويلاً من ممارسات الابتزاز والفساد. كما سيساهم في تحسين جودة الخدمات العمومية المقدمة للمواطنين، وإعادة الاعتبار للعمل العمومي كخدمة نبيلة للوطن والمواطن.
فتحية للسيد العامل الذي جاء حاملاً سيف التطهير وإعادة الهيبة للإقليم الذي بات مضرب الأمثال في الفساد في شتى المناحي. إن هذه الحملة التطهيرية تمثل بداية عهد جديد من النزاهة والشفافية، وتؤكد أن الإرادة السياسية الحقيقية قادرة على إحداث التغيير المطلوب عندما تتوفر العزيمة والحزم اللازمان لمواجهة الفساد واجتثاثه من جذوره.