
المصطفى الجوي – موطني نيوز
لا يحتاج الأمر إلى كثير عناء لرصد العفن الذي ينخر جسد بنسليمان، مدينة تتحول إلى واجهة صارخة للفساد الممنهج، وإقليم يدار بمنطق العصابات. فما يعرفه الجميع، ويتجاهله المسؤولون، هو أن الفساد هنا ليس مجرد “أخطاء إدارية” عابرة، بل هو نظام متكامل من النهب والاستغلال، تُرسم خريطته في دهاليز المكاتب المكيفة، وتُنفذ بجرأة في وضح النهار. لكن اليوم، الوضع تجاوز كل حدود السكوت: “أوزون الشاوية” تكشف عن وجهها القبيح، وتعلن إفلاسها المدوي، ليس مالياً فحسب، بل أخلاقياً وإنسانياً.

فبينما يُجبر السائقون على الجلوس في بيوتهم بعد تعليمات غامضة، تتحول شوارع بنسليمان إلى مزبلة مفتوحة، تُعلن عن فشل ذريع لنظام لا يعرف سوى لغة السرقة والتهريب. الشاحنات المهترئة، التي تشبه هياكلها عظاماً بالية، توقفت حتى عن التظاهر بالعمل، بينما تُختزل “الحلول” في إخفاء النفايات تحت أوراق الأشجار ورميها في المطرح القديم، وكأن المشكلة في رؤية المواطن للقذارة، وليس في القذارة نفسها! السؤال الذي يُطرح بقوة: هل يعقل أن تكون هذه هي “الحلول” في عام 2025؟ أم أننا أمام استهتار مُتعمد، وتواطؤ صارخ مع جهات قررت أن تُحول المدينة إلى مكب نفايات كبير؟

اللافت هنا ليس فقط العجز عن توفير لتر واحد من المحروقات، بل الجرأة على تحويل المدينة إلى مسرح للفوضى، بينما العامل – ممثل السلطة المركزية – يُصدر تعليمات “صارمة” تتحول إلى حبر على ورق. فمن المسؤول عن هذه المهزلة؟ من يُشرّع للفاسدين نهب المال العام، ثم يترك المواطن يواجه مصيره بين أكوام القمامة وروائح التعفن؟ هل هي “أوزون” التي تجاوزت كل حدود القانون، أم هي الجهات التي تمنحها الغطاء وتغض الطرف عن جرائمها؟

المواطن في بنسليمان لم يعد يسأل عن “متى الحل”، بل صار يتساءل: هل هناك من يسمع؟ أم أن الصفقات المليارية تحت أنقاض النفايات أهم من صرخة طفل يمرض بسبب التلوث؟ الفساد هنا لم يعد خفياً، بل صار عارياً، يضحك في وجوه الناس، ويُذكرهم يومياً بأنهم ضحايا نظام لا يرحم. فإلى متى يبقى الحال على ما هو عليه؟ وإلى متى تظل بنسليمان رهينة عصابات الفساد؟ السؤال موجه للسلطات، لكن الأجوبة – كما العادة – ستُدفن مع النفايات!