
الحسين بنلعايل – موطني نيوز
ليست مصادفة أن تُلقّب بروكسيل بـ”عاصمة الجواسيس” في أوروبا. هذه المدينة، التي تحتضن مقرات *الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، أصبحت ساحة مفتوحة لتصادم أجهزة الاستخبارات العالمية، ومسرحًا معقدًا للجوسسة، والتجسس المضاد، والتدخلات الأجنبية.
بفضل موقعها السياسي الحساس، وتعدد جنسياتها وثقافاتها، تُعد بروكسيل بيئة مثالية لعمل الجواسيس. فوجود آلاف الدبلوماسيين، والمستشارين الأمنيين، واللوبيات، يُوفر غطاءً طبيعيًا لعملاء المخابرات، سواء العلني أو السري.
تقارير أمنية أوروبية كشفت أن أكثر من 250 جهاز استخبارات ينشطون من داخل بروكسيل بشكل مباشر أو غير مباشر. بل إن البعض يعتبر أن فيها “أكبر تركيز للجواسيس في العالم بعد نيويورك”.
في هذا السياق، يبرز الحديث عن شبكة نفوذ استخباراتية مغربية تنشط عبر جمعيات، رجال أعمال، وأفراد لهم علاقات قوية مع السياسيين المحليين، مستغلين قضايا الجالية المغربية الكبرى المقيمة في بلجيكا.
ظهور أسماء مثل كوثر فال، وما تبعها من تقارير أمنية تتحدث عن تجسس لصالح المغرب، يفتح الباب أمام أسئلة صعبة:
– هل تم اختراق النسيج السياسي البلجيكي؟
– هل يتم استخدام المؤسسات الدينية والجمعوية لتكريس النفوذ المخابراتي؟
بروكسيل أيضًا تحمل ماضيًا ثقيلًا في ملف الإرهاب. تفجيرات مطار زافنتيم ومحطة المترو عام 2016، وانطلاق عدد من منفذي عمليات باريس 2015 منها، كلها تُشير إلى وجود هشاشة أمنية واختراق فكري عميق.
تشير تحليلات أمنية إلى أن بعض الأحياء المهمشة، خاصة التي تضم شبابًا من أصول مغاربية، تحوّلت إلى أرض خصبة للتطرف الديني والسياسي، ما جعل بلجيكا واحدة من أكثر الدول الأوروبية تصديرًا للمقاتلين إلى سوريا والعراق.
بروكسيل مدينة تجمع كل التناقضات رغم أنها مركز القرار الأوروبي، لكنها أيضًا بؤرة للصراعات الخفية بين أجهزة الأمن العالمية.
حيث تحتضن مؤسسات ديمقراطية، لكن تنشط داخلها شبكات لوبي استخباري يخترق المجتمع من الداخل.
ووسط هذا المشهد المعقد، تظل شفافية الدولة ومحاسبة المتورطين، سواء في التجسس أو دعم التطرف، هي الطريق الوحيد لحماية أمن المواطنين، وصون السيادة الوطنية من كل تدخل خارجي.