بلجيكا : القنصليات المغربية “باك صاحبي” تصنع الفراغ والتشيع يملؤه!

الحسين بنلعايل مدير موطني نيوز في أوروبا

الحسين بنلعايل ـ موطني نيوز 

ليست مجرد شكوى عابرة، بل صرخة غضب من صميم الجرح. الفعاليات القنصلية المغربية في بلجيكا، تلك التي تُرفع شعاراتها عالياً باسم “ربط الجالية بالوطن”، كشفت عن وجهها القبيح: آلة متكلسة لتكريس المحسوبية وتهميش الكفاءات، وتمرير المصالح تحت غطاء الثقافة والوطنية. أيها المسؤولون، اتقوا الله في مغاربة أوروبا! لقد حولتم دوركم المفترض – رعاية المواطنين – إلى سوق مقايضة، حيث “باك صاحبي” هو العملة الوحيدة المتداولة. نفس الوجوه المكرورة، رجال الأعمال والمقربون الذين يلتفون حولكم كالذباب، يلتهمون الفرص وينهبون تمثيل مجتمع متنوع بزعماء اختزلتموه في زمرة مغلقة. أين الأكاديميون؟ أين المثقفون؟ أين الفاعلون الحقيقيون في المجتمع؟ لكم في سجلات الجالية أسماء تضيء بعلمها وكفاءتها، لكنكم تتعمدون إطفاءها لأنها لا تنتمي إلى حظيرتكم، ولا تزين صالوناتكم الفارغة! هذه ليست إدارة، بل محسوبية صارخة، وخيانة صريحة للثقة وللأمانة التي حملتموها.

والنتائج؟ لا تقف عند إهانة الكفاءات وتكريس الظلم. إنها كارثة هوياتية تدفع ثمنها الأجيال. شبابنا، آلاف مؤلفة – تقترب من مائة وسبعين ألفاً في أوروبا – جاؤوا يبحثون عن سند ثقافي وديني يربطهم بالوطن الأم، فوجدوا أبواب قنصلياتكم موصدة إلا على وجوه “المحظوظين” من دائرة “الصاحب صاحبو”. لقد خذلتموهم. تركتموهم في صحراء الفراغ والضياع، فبحثوا عن أي مأوى يلملم أشلاء هويتهم الممزقة. هل تفاجأتم إذن أن “التشيع” الإيراني، بآلته الدعوية الجاهزة، وجد في هذا الفراغ الذي صنعتموه بأيديكم تربة خصبة؟! أنتم، أيها المسؤولون في تلك المكاتب المغلقة، شركاء في كل شاب التوى مساره لأن مؤسسة بلاده تخلت عنه، وفضلت تلميع نجوم زائفة على حساب رعاية أبنائها الضائعين. غياب الشفافية الذي تمارسه كمنهج، وطمس معايير الجدارة، ليس إهمالاً إدارياً، بل جريمة في حق الانتماء.

كفى نفاقاً وكفى تزييفاً للوعي. كفى “باك صاحبي” يتحكم في مصير جالية عريقة. المراجعة ليست خياراً رفيعاً، بل واجب بقاء. افتحوا الأبواب الموصدة للكفاءات الحقيقية، لا لمن يدفع ثمن القرب منكم. فرضوا شفافية كالزجاج في كل فعالية، وكل تمويل، وكل اختيار. واعلموا أن تقاعسكم عن احتضان أبناء المغرب في بلجيكا، بخطاب وطني ديني معتدل ومؤسسات فاعلة، ليس تقصيراً فقط. إنه تسليم مباشر لهؤلاء الأبناء لقمة سائغة لأي تيار متطرف يملأ الفراغ الذي صنعتموه. من لا يبني السند، يبني السقوط. ومن لا يحتضن أبناء وطنه في المحن، يتركهم فريسة سهلة للتيه… وللضياع. المسؤولية تاريخية، والعواقب على الوطن جسيمة، فهل من مُغيِّر؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!