عاجل : غابات بنسليمان تستغيث من صرخات المناشير الليلية في غياب الحراس

الوكالة الوطنية للمياه والغابات

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في قلب إقليم بنسليمان، حيث تمتد غابات الفلين الشاسعة ككنز طبيعي لا يقدر بثمن، تتعالى صرخات المناشير الليلية لتكشف عن واقع مؤلم يتمثل في استغلال ممنهج لهذه الثروة الحيوية. ففي الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء الموافق 15 يوليو الجاري، وتحديدًا حوالي الساعة 1:30 صباحًا، استرعى انتباه سكان حي القدس المجاور للشريط الغابوي قبالة حمام جوهرة، صوت منشار كهربائي قوي، يوحي بأن عملية القطع لا تبعد سوى بـ 400 متر تقريبًا. هذا الصوت، الذي اخترق سكون الليل، يؤكد وجود جهات تستغل جنح الظلام لتقطيع أشجار الفلين، في غياب تام لأي رقابة فعالة على هذه الثروة الطبيعية التي باتت تباع لأصحاب المخابز والحمامات والافران التقليدية دون حسيب أو رقيب.

تثير هذه الحادثة تساؤلات ملحة حول دور إدارة المياه والغابات في بنسليمان، وتحديدًا فيما يتعلق بغياب الدوريات الليلية التي من شأنها ردع مثل هذه الممارسات غير القانونية. فكيف يمكن حماية غابة بهذا الحجم والأهمية البيئية والاقتصادية، في ظل غياب المراقبة خلال الساعات التي يفضلها المستغلون لتنفيذ جرائمهم البيئية؟ إن أشجار الفلين، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من التنوع البيولوجي للمنطقة، تتعرض لعمليات قطع عشوائية تؤثر سلبًا على النظام البيئي بأكمله، وتساهم في تدهور الغطاء الغابوي الذي يعتبر رئة للمنطقة ومصدرًا للعديد من الموارد الطبيعية.

إن غياب الدوريات الليلية لا يفتح الباب أمام عمليات القطع غير القانونية فحسب، بل يشجع أيضًا على ممارسات أخرى ضارة بالغابة، مثل الرعي الجائر ورمي النفايات، مما يزيد من الضغط على هذه البيئة الهشة. ورغم الجهود المبذولة من قبل الوكالة الوطنية للمياه والغابات في مجالات أخرى، مثل تنظيم مواسم القنص وحملات النظافة، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في تأمين الغابات على مدار الساعة، خاصة في المناطق القريبة من التجمعات السكنية التي يسهل الوصول إليها من قبل المخربين.

فمن يحمي الغابة؟ هذا السؤال يتردد صداه في أروقة الرأي العام، ويضع المسؤولية على عاتق جميع الأطراف المعنية. فإدارة المياه والغابات، بصفتها الجهة المسؤولة عن حماية الثروة الغابوية، مطالبة بتكثيف جهودها وتفعيل آليات المراقبة، بما في ذلك الدوريات الليلية، واستخدام التقنيات الحديثة لمراقبة الغابات. كما أن المجتمع المدني والسكان المحليين لهم دور حيوي في الإبلاغ عن أي تجاوزات، والتعاون مع السلطات لضمان حماية هذه الثروة الوطنية للأجيال القادمة. إن حماية الغابة ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود وتفعيل الرقابة الصارمة لضمان استدامة هذه الموارد الطبيعية الحيوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!