نداء إلى الضمير: الجالية المغاربية في فرنسا بين الإسهامات التاريخية والتحديات المعاصرة

حسن سمومي خبير في علم الإجرام

حسن سمومي – موطني نيوز

اليوم، أود أن أتحدث عن جالية كانت في الماضي محل تقدير كبير لشجاعتها وثقافتها، ولكونها مثالاً يُحتذى به في فن العيش بفرنسا.

ولكن للأسف، عمدت بعض الأحزاب السياسية، لأسباب انتخابية، إلى إظهار عزمها على محاربة الجالية المغاربية، نافثةً سمومها عبر الشاشات التلفزيونية، ومتناسيةً ما قدمه أجدادنا لفرنسا، حيث ضحوا بأرواحهم من أجل وطن لم يكن حتى وطنهم. إلا أن هذا العزم وهذه الروح التضامنية التي تحلى بها الجنود المغاربة أثبتت سريعاً أنه لولا وجودهم، لما رأت مبادئ “الحرية والمساواة والأخوة” النور.

وها هو وزير الداخلية، السيد برونو روتيو، يعلن صراحةً، ولأسباب انتخابية على ما يبدو، حربه على الجالية المغربية وغيرها من الجاليات المقيمة على التراب الفرنسي، مانعاً أفرادها من التمتع بحقهم في الحصول على بطاقات الإقامة في الآجال المحددة، مما يتسبب في خلل اقتصادي واجتماعي نتيجة لهذه المشكلة.

سؤالي هو: لماذا يتحدث الإعلام وبعض السياسيين بشكل متكرر عن شباب الهجرة باعتبارهم المسؤولين عن تدهور الاقتصاد الفرنسي والتعليم الوطني؟ ولماذا لا يتحدثون أبداً عن أولئك الذين تفوقوا في دراساتهم، من مهندسين وأطباء وممرضين ورياضيين رفيعي المستوى، وحتى في مجال السياسة؟ بل وحتى المهن التي قد تبدو بسيطة، والتي لا يرغب أي فرنسي في ممارستها، كالتنظيف والأمن الخاص وغيرها الكثير… للأسف، لا يصبح المرء ضحية بالصدفة!

إن بعض الصحفيين، الذين تجردوا من إنسانيتهم في انتمائهم لأيديولوجية سامة، يبثون سمومهم عبر القنوات التلفزيونية لـ “رياضيي الأرائك” (المشاهدين السلبيين) الذين لا يكلفون أنفسهم حتى عناء التحقق من صحة الأخبار، ويكتفون بالمعلومات التي أعدها وهضمها صحفيون عنصريون. هدفهم الوحيد هو إشعال فتيل حرب أهلية من خلال البحث عن مذنبين وهميين.

في كل المجتمعات، ستجد سلوكيات معادية للمجتمع، وتصاعداً في العنف اللفظي وأحياناً الجسدي، ولكن هذا ليس العامل المسبب للفشل السياسي والاجتماعي، بل هو بالأحرى إرادة قوية للتغذي على هذه المشاكل والاحتفاظ بهذه الورقة الرابحة لاستخدامها في الوقت المناسب لغايات سياسية.

إنني أدعو جاليتنا المغربية، سواء على المستوى الجمعوي أو السياسي، إلى أن تكون أكثر حضوراً على أرض الواقع وأن تدافع عن مصالح مواطنينا.

ولمن أراد أن يفهم، ففي القول كفاية.

حسن سمومي مدير موطني نيوز بفرنسا
خبير في علم الجريمة ومدرب دولي في الرماية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!