
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في تطور جديد يضيف إلى سلسلة الفضائح المالية التي تهز المشهد السياسي المغربي، أدين النائب البرلماني يونس بنسليمان، العضو السابق في حزب العدالة والتنمية والنائب الأول لرئيس جماعة مراكش، في قضية غسل أموال مرتبطة بصفقات المؤتمر العالمي للمناخ “كوب 22” الذي استضافته المدينة عام 2016. جاءت الإدانة بعد تحقيقات مالية وقضائية مطولة كشفت عن شبكة معقدة من العمليات المشبوهة والاستفادة غير المشروعة من المال العام.
حيث كشفت التحقيقات التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عن وجود حسابات بنكية متعددة باسم يونس بنسليمان في عدة مؤسسات مالية، سجلت خلال الفترة بين فبراير 2016 و دجنبر 2019 تحويلات مالية مشبوهة بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 11.770.000.00 درهم. من بين هذه التحويلات، تلقت حسابات بنسليمان مبالغ طائلة من أشخاص وشركات، منها 1.530.000.00 درهم من شخص يُدعى عبد العالي-ف، و4.250.000.00 درهم من مصادر أخرى، فضلاً عن مبالغ أخرى قيمتها 2.188.667.38 درهم من حسابات مجهولة.
ولم تقتصر الفضيحة على التحويلات البنكية، بل امتدت إلى امتلاك يونس بنسليمان لمجموعة من العقارات المسجلة باسمه، منها خمسة عقارات فلاحية في منطقة ابن جرير، وعقار آخر في وسط مراكش، إضافة إلى عقارات مسجلة في المحافظة العقارية بمراكش. كما تبين أن بنسليمان كان شريكًا ومالكًا لعدة شركات، بعضها متخصص في تهيئة وصيانة الطرق، وأنه استفاد من صفقات تفاوضية بدون منافسة في إطار التحضير لمؤتمر “كوب 22”.
وفقًا للتحقيقات، أسس بنسليمان شركتين متخصصتين في تهيئة الطرق قبل أسابيع فقط من انطلاق فعاليات المؤتمر، وحصلتا على صفقات بقيمة إجمالية تجاوزت 800 مليون درهم لأشغال التهيئة، و40 مليون درهم لأشغال الصيانة. والأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن أحد الشركاء في هذه الشركات، ويدعى هشام ز، كان في نفس الوقت مسيرًا للشركة التي فاوضت على الصفقات الممنوحة لجماعة مراكش في إطار المؤتمر.
هذا و أدانت محكمة الاستئناف بمراكش بنسليمان بتهمة غسل الأموال، وحكمت عليه بسنة واحدة مع وقف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم، بالإضافة إلى مصادرة الأموال موضوع التحويلات المشبوهة. كما وجه الوكيل العام للملك تهمة جديدة إلى بنسليمان تتعلق بـ”تلقي فائدة من مؤسسة عمومية بتولي إمارتها”، وهي جريمة يعاقب عليها القانون المغربي بالسجن ما بين 5 و10 سنوات.
وتأتي هذه الفضيحة في سياق يشهد تصاعدًا في حملات مكافحة الفساد بالمغرب، خاصة في ما يتعلق بجرائم غسل الأموال والاستفادة غير المشروعة من الصفقات العمومية. القضية ألقت بظلالها على المشهد السياسي، خاصة مع تورط شخصية برلمانية بارزة مثل بنسليمان، الذي كان يشغل منصبًا رفيعًا في حزب العدالة والتنمية، مما يطرح تساؤلات حول مدى شفافية آليات منح الصفقات العمومية ورقابة المؤسسات على أعمال المسؤولين.
قضية يونس بنسليمان ليست مجرد ملف جنائي عادي، بل هي نموذج صارخ لتداخل المصالح السياسية والمالية، واستغلال المناصب العامة لتحقيق مكاسب شخصية. كما أنها تذكير بأهمية تعزيز آليات الرقابة والمساءلة لضمان حماية المال العام والحفاظ على ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.