تدهور المعارضة السياسية المغربية وصراع الأحزاب الرئيسية

نبيل بن عبد الله وإدريس الشگر

المصطفى الجوي – موطني نيوز

تتوالى فصول المشهد السياسي المغربي لتكشف عن تصدعات عميقة داخل جبهة المعارضة البرلمانية، في مشهد يثير القلق حول مستقبل التوازنات السياسية قبيل استحقاقات عام 2026. ففي خضم توترات متصاعدة، تدهورت العلاقات بين قطبين رئيسيين، إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ونبيل بنعبد الله، رئيس حزب التقدم والاشتراكية، لتصل إلى مستوى غير مسبوق من التشرذم. هذا الصراع البيني لا يهدد فحسب التحالفات المستقبلية، بل ينذر بتفتت المعارضة برمتها، لتصبح مجرد أطياف متناثرة في مواجهة أغلبية حكومية تستفيد من هذا التصدع.

لم يقتصر الأمر على هذا المحور، بل امتدت شروخ أخرى لتضرب عمق البنية المعارضة. ففي الوقت الذي تتفاقم فيه المواجهة بين الاتحاد الاشتراكي وحزب العدالة والتنمية، يواجه حزب الحركة الشعبية، الذي كان يُعد ركيزة أخرى للمعارضة، أزمة داخلية طاحنة تهدد بانهياره وتلاشي تأثيره. هذه الإشارات مجتمعة ترسم صورة قاتمة لكتلة معارضة ضعيفة ومشتتة، عاجزة عن تشكيل ثقل حقيقي في مواجهة الأغلبية الحالية، التي تجد في هذه التحولات فرصة سانحة لتعزيز نفوذها.

لقد تجلى هذا الضعف بوضوح في فشل محاولة تقديم اقتراح حجب الثقة المشترك ضد الحكومة. مبادرة كان من شأنها أن توحد صفوف المعارضة، لكنها باءت بالفشل الذريع بسبب غياب التوافق وتناثر الأصوات. الاتهامات المتبادلة بين الفرقاء تعكس عمق الأزمة: فحزب التقدم والاشتراكية يتهم الاتحاد الاشتراكي بتخريب المبادرة بهدف التقرب من حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة. في المقابل، يرد زعيم الاتحاد الاشتراكي باتهام نظيره في التقدم والاشتراكية بالتقرب من حزب العدالة والتنمية لأهداف مشبوهة، بل ويصل الأمر إلى حد اتهامه بالخيانة للمبادئ التي ينبغي أن تحكم عمل المعارضة.

في ظل هذا المناخ المشحون، يغيب أي أفق لوساطة محايدة قادرة على تخفيف حدة التوترات. هذا الغياب يترك الساحة السياسية مفتوحة أمام مزيد من التدهور، مما يضعف الدور الرقابي للمعارضة ويفتح الباب أمام هيمنة الأغلبية. إن ما يحدث اليوم ليس مجرد خلافات حزبية عابرة، بل هو مؤشر على تحولات عميقة قد تعيد تشكيل الخريطة السياسية للمملكة، وتضعف صوت المعارضة في لحظة تاريخية تتطلب تماسكًا وقوة لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!