خطير : 180 هكتارًا من العرعار تُسرق بجماعة الزيايدة في اقليم بنسليمان تحت غطاء القانون فمن يقف وراء صفقة المقلع المشبوهة؟

وزير الداخلية السيد عبد الوافي لفتيت

المصطفى الجوي – موطني نيوز

في سابقة خطيرة تكشف عن خبايا الفساد والمحسوبية، تتجه الأنظار نحو إقليم بنسليمان، وتحديدًا جماعة الزيايدة، حيث كشفت مراسلة صادرة عن المركز الجهوي للاستثمار بتاريخ 10 يونيو 2025 تحت عدد 127، موجهة إلى السيد عامل الإقليم، عن قضية مقلع مثيرة للجدل. هذه المراسلة، التي أحالها العامل بدوره بتاريخ 17 يونيو 2025 تحت عدد 4755 إلى السيد رئيس جماعة الزيايدة، تطلب البحث والتحري بخصوص قيام إحدى الشركات بإقامة مقلع على مساحة 180 هكتارًا على انقاض شجرة العرعار المعمرة.

تكمن خطورة هذه القضية في عدة جوانب؛ ففي حين أن العرف المتبع يقضي بأن تكون طلبات الاستثمار مرفقة بقرص مدمج يحدد موقع العقار ونوعية الاستثمار بدقة، فإن مراسلة السيد العامل إلى رئيس جماعة الزيايدة جاءت بجميع والثائق التوضيحية في حين إختفت تلك الوثائق داخل دهاليز الجماعة وحتى عن اعضاء الجماعة للنصب والاحتيال على الساكنة حتى لا تكون هناك تعرضات. الأدهى من ذلك، أن المراسلة أشارت إلى أن المشروع يتعلق بمقلع للرخام، بينما الحقيقة التي كشفتها المعطيات تشير إلى أنه مقلع للحصى. الفارق بين النوعين ليس مجرد تفصيل بسيط، بل هو جوهري ويؤثر على طبيعة الاستغلال والعوائد المتوقعة، وحتى على صحة رعايا صاحب الجلالة.

المثير للقلق هو أن الشركة المستثمرة قدمت طلب استغلال لمساحة شاسعة تبلغ 180 هكتارًا، وهي أراضٍ تقع بالكامل ضمن ملكية المياه والغابات في منطقة “العرعار” بجماعة الزيايدة. هذا الأمر يثير تساؤلات حول كيفية حصول هذه الشركة على موافقة مبدئية لمشروع بهذا الحجم في منطقة حساسة بيئيًا، بينما هناك العديد من المستثمرين الآخرين الذين تقدموا بطلبات مماثلة لنفس المكتب الجهوي للاستثمار، ولم يلقوا أي اهتمام أو استجابة. هذا التمييز الواضح يفتح الباب على مصراعيه أمام شبهات الزبونية والمحسوبية والمحاباة، ويؤكد أننا أمام ممارسات تفتقر إلى الشفافية والعدالة.

هذه ليست الواقعة الأولى من نوعها التي يشهدها هذا المكتب. ففي سابقة أخرى، وافق المكتب نفسه لمستثمر على استغلال 50 هكتارًا كمشروع استثماري لمقلع، لكن تبين لاحقًا أنه لم يتم إنشاء أي مقلع على الإطلاق. بل إن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن صاحب هذه الشركة يعرض العقار حاليًا للبيع بمبلغ خيالي يصل إلى 8 مليارات سنتيم. هذا يكشف عن استغلال فاضح للموارد العامة وتحويل المشاريع الاستثمارية إلى صفقات عقارية تدر أرباحًا طائلة على حساب المصلحة العامة.

إن مثل هذه الممارسات تحرم المنطقة والإقليم من فرص تنموية حقيقية. فلو تم تقسيم هذه المساحات على مجموعة من المستثمرين، لعمّت الفائدة على نطاق أوسع، ولتم امتصاص جزء كبير من جيوش البطالة التي تعاني منها المنطقة، ولأثرى ذلك خزينة الجماعة والدولة على حد سواء. ولكن بدلًا من ذلك، نجد أن الثروات والموارد تتركز في أيدي قلة، ان لم تكن محتكرة في يد جهة نافذة واحدة وهذا هو حال مغربنا و للاسف الشديد، مما يعمق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية. ولنعود مرة الى نقطة الصفر عندما قال ملك البلاد عبارته الشهيرة :”أين الثروة؟”.

يبقى السؤال المحوري الذي يطرح نفسه بإلحاح: من يتستر على مثل هذه الملفات؟ وما هو المقابل الذي يدفع لقاء هذه التسهيلات المشبوهة؟ ففي هذا الإقليم، يبدو أن لا شيء يُعطى في سبيل الله، وأن كل خدمة أو تسهيل له ثمنه. إن إقليم بنسليمان بات مضرب المثل في الفساد على الصعيدين الوطني والعالمي، وهو ما يدعو إلى وقفة جادة ومحاسبة صارمة لكل المتورطين. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مرة أخرى اقول لجميع المسؤولين وكل من له يد في تمرير هذا المشروع “حسي مسي”، نحن لسنا الاستثمار في المنطقة، ولكننا ضد الإحتكار ووضع كل هذه المساحة في يد وتحت تصرف شخص واحد. فالأجدر أن توزع على كل المستثمرين بمعدل 30 هكتار للواحد وبالتالي سنجد انفسنا امام تشغيل أزيد 1000 مواطن من ابناء القبيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!