
الحسين بنلعايل – موطني نيوز
في عالم تتسارع فيه وتيرة المعلومات وتتنوع مصادرها، تبرز بين الحين والآخر وثائق مسربة تحاول زعزعة الثوابت وخلق الفتن، وآخرها تلك الوثيقة المزعومة التي تتحدث عن وفاة ضابطين مغربيين في قاعدة إسرائيلية نتيجة القصف الإيراني. تحليل بسيط لمضمونها يكشف أنها صيغت بيد عدائية تهدف إلى تأجيج الكراهية بين المغرب وإيران، بل وتكشف عن جهة واحدة تقف خلفها، جهة لا تخفي عداءها للمملكة وتاريخها في التآمر على استقرار المنطقة.
من الوهلة الأولى، يظهر التزييف جلياً في صياغة الوثيقة التي تفتقر لأبسط مقومات المصداقية. فشكلها لا يتوافق مع الأسلوب الدبلوماسي المعتاد في البرقيات الرسمية، كما أنها خلت من أي ختم أو توقيع يُعوّل عليه. أما مضمونها، فجاء مليئاً بالمغالطات والتناقضات، وكُتب بأسلوب دعائي فجّ يوحي بأنه نتاج جهة غير محايدة، بل هي جهة تسعى إلى تصدير عداواتها عبر وثائق مكشوفة الزيف.
المثير للاستغراب هو كيف يتم تداول مثل هذه الوثيقة دون التحقق من مصدرها، خاصة بعد التأكد من نشرها على حساب “Geopolitics Watch” على منصة تلغرام، وهو حساب أجنبي أرفق الوثيقة بعبارة “هذه الوثيقة مزيفة”. وهذا يطرح تساؤلات خطيرة: من يقف وراء تسريب هذه الوثيقة؟ وما الهدف من ترويجها في هذا التوقيت؟ ولماذا يسرع بعض المغاربة إلى تداول الأكاذيب بدلاً من تحري الحقيقة والوقوف في وجه مروجيها؟

الأمر لا يتعلق بمجرد تزييف وثيقة، بل باستهداف أمن المغرب واستقراره عبر بث الفتنة وتشويه سمعته الدبلوماسية. فمن يروج لهذه الأكاذيب ويشارك في نشرها دون تمحيص إنما يقدم خدمة مجانية لأعداء الوطن، سواء كانوا في حزب الله أو غيرهم من الجهات المعادية. والسؤال الأهم: أليس التصدي لمثل هذه الأكاذيب واجباً وطنياً؟ أم أن البعض أصبح يعتبر تداول الأكاذيب وسيلة للخيانة دون أن يدري؟
في زمن أصبحت فيه المعلومات سلاحاً، يجب أن نكون جميعاً حراساً للحقيقة، لا منابر للزيف. فالمغرب يستحق أكثر من أن يكون ساحة لتصفية حسابات جهات خارجية تسعى لزعزعة وحدته ونشر الفوضى. والواجب الوطني يحتم علينا جميعاً التريث والتحقق قبل المشاركة في أي إشاعة، لأن في ذلك حماية لسمعة الوطن ودرءاً لمكائد الأعداء.