
المصطفى الجوي – موطني نيوز
يبدو أن الفوضى باتت سمة غالبة في مدينة بنسليمان وحتى الاقليم، حيث تتجلى مظاهر التسيب في العديد من القطاعات، ولعل أبرزها قطاع النقل المدرسي. فبينما يعول الأهالي على هذه الخدمة لضمان سلامة أبنائهم ووصولهم الآمن إلى مدارسهم، يجدون أنفسهم أمام واقع مرير يهدد حياة فلذات أكبادهم. إن الاستهتار بالقوانين، والسياقة المتهورة، وعدم احترام الأسبقية، كلها ممارسات باتت لصيقة بسائقي النقل المدرسي في بنسليمان، سواء كانوا تابعين للجماعات المحلية أو للمؤسسات التعليمية الخاصة، مما يستدعي وقفة جادة وحازمة لوضع حد لهذا العبث الذي لا يراعي حرمة الأرواح.
ولعل ما يزيد الطين بلة، هو وضعية سائقي النقل المدرسي التابعين للمؤسسات الخاصة. فإذا كان الوضع مقلقاً بالنسبة لسائقي الجمعيات، فإنه أكثر سوءاً بالنسبة لهؤلاء. فهم لا يؤمنون بشيء اسمه قانون السير، ولا يكترثون لاحترام الناس، ولا حتى للأرواح البريئة التي تكون تحت مسؤوليتهم. إن غياب الرقابة الصارمة، وضعف التكوين، وعدم الالتزام بالمعايير المهنية، كلها عوامل ساهمت في تفاقم هذه الظاهرة الخطيرة. فكيف يمكن لسائق لا يحترم القانون أن يكون مؤتمناً على حياة عشرات التلاميذ يومياً؟
إن الحادثة الأخيرة التي وقعت في 18 يناير 2025، والتي تورط فيها سائق إحدى سيارات النقل المدرسي، لهي خير دليل على حجم الكارثة. فالسائق، الذي كان يقود سيارة هي في الأصل هبة ملكية لجماعة شراط، دهس شاباً كان يقود دراجة نارية، متسبباً له في إصابات خطيرة. وما يثير الاستغراب، أن السائق لم يكن يتوفر على جميع الأوراق اللازمة للسيارة عند وقوع الحادث، مما استدعى تدخل عناصر الدرك الملكي وحجز السيارة. هذه الحادثة ليست معزولة، بل هي حلقة في سلسلة طويلة من الإهمال والتسيب، التي تستدعي تدخلاً عاجلاً وحازماً من قبل الجهات المعنية.
إننا نناشد مصلحة شرطة المرور في بنسليمان أن تتحرك بحزم وقوة للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة. يجب إخضاع جميع سيارات النقل المدرسي للمراقبة الدورية، بما في ذلك وثائق السيارات وأهلية السائقين. كما يجب تشديد العقوبات على المخالفين، وتوفير برامج تكوين مكثفة للسائقين، لضمان التزامهم بقوانين السير ومعايير السلامة. إن أرواح أبنائنا ليست سلعة رخيصة، ولا يمكن المساومة عليها. فالأمر يتطلب تضافر جهود الجميع، من سلطات محلية، وجمعيات، ومؤسسات تعليمية، وأولياء أمور، لوضع حد لهذه الفوضى، وضمان نقل مدرسي آمن ومسؤول في مدينة بنسليمان.