بنسليمان : مدينة تدفع ثمن الإهمال وتغرق في براثن الجريمة الطفولية

مجموعة من القاصرين الذي يعلم بوجودهم الجميع ولا احد تحرك في بنسليمان

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

الشارع العام لم يعد مجرد ممر للتنقل، بل تحول إلى وكر للجريمة، ملاذاً لعصابة من القاصرين الذين لم يتجاوز عمرهم أحد عشر ربيعاً، يسرقون، يتسولون، يدمنون، بل ويقتلون أيضاً. عشرات الأسئلة تطرح نفسها بإلحاح، لكن يبدو أن السلطات المعنية ترفض سماعها، أو ربما تتعامى عن رؤية كارثة إنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم.

كيف لمدينة كبنسليمان أن تترك أطفالها في العراء، عرضة للتحرش الجنسي، للإدمان، للجريمة؟ كيف يُسمح لقاصر في التاسعة من عمره أن يدخن الحشيش ويشم “السليسيون” ويتلقى جرعاته من السم وسط سكوت رسمي مريب؟ أين هي المبالغ الطائلة التي تُصرف على مراكز حماية الطفولة؟ وأين هي البرامج الاجتماعية التي يفترض أن تنقذ هؤلاء من السقوط في الهاوية؟ الأسئلة معلقة في الهواء، والإجابات غائبة، وكأن الأمر لا يعنينا، وكأن هؤلاء الأطفال مجرد حطام بشري لا يستحق الإنقاذ.

لقد حذرنا من قبل، ونحذر مرة أخرى، هؤلاء الأطفال ليسوا مجرد مشهد مؤلم عابر، بل هم قنابل موقوتة. اليوم يسرقون غفلة المارة، وغداً يذبحون بريئاً كما حدث سابقاً في حي السلام. فمن يتحمل المسؤولية عندما تتحول هذه العصابة الصغيرة إلى مافيا حقيقية؟ من سيجيب عندما تتدحرج أول جثة لقاصر جراء جرعة مخدر زائدة؟ من سيدفع ثمن صمته عندما يصبح هؤلاء مراهقين مسلحين بالكراهية ضد المجتمع الذي تركهم عرضة للإجرام وهم صغار؟

السلطات المحلية، الجهات المعنية، جمعيات المجتمع المدني، الصحافة..الجميع يراقب الكارثة وهي تتسع، والجميع يتنصل من المسؤولية. فهل يجب أن ننتظر جريمة أخرى كي نتحرك؟ أم أن الأمر يحتاج إلى ضحايا أكثر؟ السؤال الأهم : متى ستُرفع الأقنعة عن وجوه الذين يتقاضون رواتبهم من أجل حماية هؤلاء الأطفال، ثم يتركونهم فريسة للمجرمين والمخدرات؟ ألم يتساءل أحدكم من أين يشترون السلسيون، الحشيش و السجائر؟ هل تساءلتم ما هو مصير هذه الطفولة طيلة اليوم و اثناء خلودهم للنوم؟ هل أكلوا، شربوا؟ قسما بالله إننا نعيش في مجتمع منافق وقاسي.

إنها ليست مجرد حالة إهمال، بل جريمة منظمة تُرتكب في وضح النهار. فإما أن تتحمل الجهات المعنية مسؤوليتها كاملة، وإما أن نعلن للتاريخ أن بنسليمان قد سُجلت فيها أبشع صفحة من صفحات التنكر لحقوق الأطفال. فليتنبه الجميع، الدماء التي ستسيل لاحقاً ستكون على أيادٍ متعددة، والله ثم القانون سيسأل الجميع، ولن تنفع حينها لا انشغالات بيروقراطية ولا خطابات جوفاء ولا تملص من المسؤولية كما تفعلون اليوم. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!