
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في مشهد يتكرر يومياً بحي جوهرة في سيدي مومن بالدار البيضاء، تجتاح الدراجات الثلاثية والعربات المجرورة بالدواب شوارع الحي وأزقته، متحدية بذلك كل القرارات والتعليمات الصادرة عن وزارة الداخلية لمحاربة ظاهرة احتلال الشارع العام. هذا المشهد الفوضوي الذي اختفى من معظم أحياء المدينة، يبدو أنه وجد ملاذاً آمناً في حي جوهرة، وسط تساؤلات متزايدة حول سر هذا الاستثناء الغريب والمريب.
حيت تشير المعطيات الميدانية إلى وجود تواطؤ مكشوف من قبل السلطة المحلية، التي تغض الطرف عمداً عن هذه التجاوزات الصارخة في حي جوهرة، بينما تطبق القانون بصرامة في باقي الأحياء. هذا التناقض الفاضح يطرح أكثر من علامة استفهام حول الجهات المستفيدة من استمرار هذه الفوضى، وعن الأسباب الحقيقية وراء هذا التمييز غير المبرر الذي يثير الريبة والشكوك.
لقد نجحت حملات وزارة الداخلية في تنظيم الشارع العام وإعادة الانضباط إلى معظم الأحياء، لكن حي جوهرة يبدو وكأنه دولة داخل الدولة، تُدار بقوانين خاصة، وتخضع لسلطة غير معلنة تتحدى تعليمات الوزارة وتضرب بها عرض الحائط. فمن هي الجهة المتنفذة التي تقف وراء هذا التحدي السافر؟ ومن يملك القدرة على تعطيل قرارات رسمية صادرة عن أعلى سلطة إدارية في البلاد؟
إن المشهد اليومي المخزي في حي جوهرة بسيدي مومن يكشف عن حجم الفوضى العارمة التي تعم المكان، حيث تحتل الدراجات الثلاثية والعربات المجرورة بالدواب الشوارع والأرصفة بشكل استفزازي، مسببة ازدحاماً مرورياً خانقاً، ومعرقلة حركة المواطنين، ومشكلة خطراً حقيقياً على سلامتهم. هذا الوضع المزري يتناقض تماماً مع الصورة المنظمة التي باتت عليها باقي الأحياء بعد تطبيق تعليمات وزارة الداخلية.

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل السيد الوالي. والسيد العامل على علم بما يجري في حي جوهرة من تجاوزات صارخة؟ وإذا كانا على علم، فلماذا لم يتخذا الإجراءات اللازمة لوضع حد لهذه الفوضى المستشرية؟ وإذا كانا لا يعلما، فتلك مصيبة أعظم، لأنها تعني أن هناك من يتلاعب بالقرارات ويطبقها بمزاجية وانتقائية فاضحة دون علم المسؤولان عن تنفيذها.
إن استمرار هذا الوضع الشاذ في حي جوهرة يشكل ضربة موجعة لمصداقية السلطات المحلية وأعينها التي لا تنام الا عن الفوضى، ويزرع الشك العميق في نفوس المواطنين حول جدية الإصلاحات التي تتبناها الدولة. كما أنه يكرس ثقافة الاستثناءات والامتيازات المقيتة التي طالما كانت سبباً في تعميق الفجوة بين المواطن والإدارة.
لقد آن الأوان لوضع حد لهذه المهزلة المستمرة، وإخضاع حي جوهرة بسيدي مومن لنفس القوانين والإجراءات المطبقة في باقي الأحياء. فلا يمكن أن تستمر هذه الازدواجية المفضوحة في التعامل، ولا يمكن القبول بوجود مناطق محصنة ضد القانون، مهما كانت الأسباب والمبررات الواهية.
إننا نطالب السيد الوالي والسيد العامل بالتدخل الفوري والحازم لإنهاء هذا الوضع الشاذ، وفتح تحقيق عاجل لكشف الجهات المتورطة في التستر على هذه التجاوزات، ومحاسبة كل من ثبت تواطؤه في تعطيل تنفيذ تعليمات وزارة الداخلية. كما ندعو وزارة الداخلية إلى إيفاد لجنة تفتيش للوقوف على حقيقة ما يجري في حي جوهرة، واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المتسببين في هذه الفوضى المتعمدة وعلى رأسهم الباشا و القائد.