بين وحشية الجناة ودهاء الشرطة: قصة شاب بنسليمان الذي دفع حياته ثمناً لخلاف تافه

الشرطة القضائية

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في ظلام الليل الذي يلف شوارع بنسليمان، حيث الصمت يخيّم كشاهد صامت على فاجعة اهتز لها الحي الحسني ليلة يوم الأحد 18 ماي الجاري، سقط شاب في ريعان شبابه ضحية لوحشية نادرة. ثلاثة أيادٍ امتدت لتنهي حياته في مشهد مأساوي، تاركة وراءها أسئلة كثيرة وألماً أعظم. لكن ما خفي كان أعظم. فخلف الكواليس، حيث لا يرى العامة، كان ثلاثي الشرطة القضائية ينسج خيوط العدالة بخيطين من ذهب الدقة والشجاعة.

العميد شفيق الفشتالي، جمال، وزهيد ثلاث أسماء لن تنساها ذاكرة بنسليمان قريباً والذي لهم الفضل في حل جل الجرائم بالمدينة. و بتعليمات مباشرة من رئيس الشرطة القضائية، انطلقوا في مطاردة الزمن، حيث كل ثانية كانت تحمل في طياتها خطراً جديداً. بدأت الرحلة من بنسليمان، مدينة الضحية، نحو بوزنيقة، معقل اثنين من الجناة. هناك، بين زحام الشوارع وهمس الظلال، قبضوا على صديق للقتلة، ليصبح الباب الذي فتح لهم طريقاً نحو الحقيقة. بعد تعميق البحث، تحولت الخيوط إلى خريطة تقود إلى الدار البيضاء، وتحديدا بحي سيدي عثمان، حيث كان القاتلان يختبئان في زاوية مظلمة عند خالة احد الجناة، يحسبان أن الجريمة ستذهب أدراج الرياح.

لكن ثلاثي الشرطة القضائية كانوا أسرع من ظنونهم. في عملية مباغتة، تمت محاصرتهما، وشل حركتهما، قبل أن يُقيدا ويُقادا إلى بنسليمان، حيث الاعترافات ستكشف فصول الجريمة بكل بشاعتها. لم يكن القتل لحظة غضب عابرة، بل كان إعداماً وحشياً. طعنة قاتلة في العنق، دهس بالدراجة النارية، ثم الإجهاز بحجارة كبيرة على الرأس. مشهد لا يليق إلا بالوحوش، لكنه وقع على يد بشر.

أما الدافع، فكان كلمة واحدة: “حگرنا”. كلمة تحمل في طياتها ثقافة العنف والانتقام وشرع اليد. ادعاء بأن الضحية تنمر عليهم وسلبهم مفتاح الدراجة، قبل أن يستردوه بقوة السلاح الأبيض. لكن هل يستحق أي خلاف، مهما بلغ، أن يُنهي حياة إنسان؟ الجناة الثلاثة، اثنان من بوزنيقة والثالث من نفس حي الضحية، قدموا اعترافاتهم، لكن الجرح الذي تركوه في قلب المجتمع لن يندمل بسهولة.

واليوم، بينما تُغلق الملفات القضائية، تبقى قصة هذا الشاب تذكيراً بوحشية يمكن أن تختبئ خلف أقنعة البشر، وببطولة ثلاثي الشرطة القضائية وكعادتهم اختاروا أن يقفوا في وجه الظلام والظلم و الوحشية. ففي النهاية، العدالة لا تنتصر إلا بأولئك الذين يجرؤون على ملاحقتها، حتى في أحلك اللحظات واعسر الأوقات.

فتحية لكل من ساهم في حل لغز هذه الجريمة الوحشية بتوجيهاته و وقوفه طوال ليلة حافلة بالمفاجآت، العميد الاقليمي رئيس المنطقة الأمنية فؤاد الاعرج، ونائبه إدريس الجباري و رئيس الشرطة القضائية سعيد الطالبي. وكل عناصر المنطقة الامنية الدين تجندوا ليلا وحتى اعتقال الجناة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!