
المصطفى الجوي – موطني نيوز
بعد أن كانت شركة “أوزون” تُعتبر عملاقًا في مجال النظافة، تحوّلت إلى واجهة صارخة للفساد وسوء التدبير، حيث تتهاوى واحدة تلو الأخرى تحت وطأة القرارات الفاسدة وهيمنة لوبيات جشعة لا همّ لها سوى تعبئة جيوبها على حساب العمال والخدمات العمومية ورصيد السيد عزيز البدراوي. فضيحة تلو الأخرى، وإفلاس أخلاقي وإداري يطيح بسمعة الشركة التي كانت في يوم ما نموذجًا يُحتذى به. واليوم، بعد خسارة عقد جماعة شفشاون، تُطرَح أسئلة محرجة: هل انهيار “أوزون” هو نتاج طبيعي لغياب عزيز البدراوي “لي كان واقف على شغلو”، أم أن الأمر يتعلق بفساد منهجي تحوّل إلى سرطان ينخر جسد الشركة من الداخل؟ أم أن الإشكال في الأشخاص الذي وثق فيهم عزيز البدراوي وخانوه بل ونهشوا لحمه بعدما راكموا ثروات على حسابه.
المشهد لا يحتاج إلى تحليل عميق لرؤية الدلائل المؤلمة: عمالٌ مُهمَلون لم يتقاضوا أجورهم لشهور، احتجاجات متكررة تُخمد بالوعود الكاذبة، وعقود جماعية تُفسَخ الواحدة تلو الأخرى بسبب التقصير الصارخ في الالتزامات. فاس، سطات، بوزنيقة، الصويرة وغيرها والآن شفشاون…كلها جماعات فضّلت قطع العلاقة مع “أوزون” بعد أن أصبحت رمزًا للإدارة الفاشلة بإمتياز. فمن المسؤول عن هذا الانهيار؟ هل يكفي أن نلقي باللوم على اعتقال المدير العام، أم أن الفساد الذي استشرى في الشركة هو نتاج ثقافة متجذّرة لم يكن عزيز البدراوي يعلم بها والتي جاءت عن يمينه وشماله، تتحرك فيها أطراف معروفة للقاصي و الداني تضع مصالحها فوق كل اعتبار؟
الحقيقة المُرّة هي أن “أوزون” لم تعد سوى ظلّ لما كانت عليه. لقد تحوّلت إلى وكر للمحسوبية والزبونية والمحاباة، حيث تُدار الصفقات بعقلية الريع والنهب، و”باك صاحبي” بينما العمال – الذين هم عماد هذه الشركة – يُتركون ليواجهوا مصيرهم بلا رواتب ولا كرامة، دون أن نتحدث عن الأشباح “لي عندوا شي حد خشاه” ويتقاضون أجورهم دون عمل. الأزمات المالية ليست سوى عرض للمشكلة، أما الجوهر فهو انعدام الرؤية والشفافية، وسيطرة مجموعة من الانتهازيين الذين حولوا الشركة إلى مزرعة شخصية. ومنهم من باتت اعينه على الاليات و المتلاشيات لسمسرة فيها وهذا موضوع سنعود له بالتفصيل الممل.
ليبقى السؤال الأكبر الآن: إلى متى سيستمر هذا الانهيار؟ وهل هناك من يجرؤ على كشف الخيوط الخفية التي تقف وراء تدمير واحدة من أكبر شركات النظافة في البلاد؟ أم أن “أوزون” ستظل ضحية للصراعات الداخلية والفساد المُمنهج حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة، تاركة وراءها آلاف العمال في العراء، ومئات الجماعات تبحث عن بديل لمن كان يومًا ما “الرائد” في مجاله؟
فهل سيصلح السيد عزيز البدراوي ما أفسده من وثق فيهم واعتبرهم سنده؟.