العدالة تكشف أخيراً..تفاصيل القرار المزلزل في قضية التازي التي هزت المغرب

دكتور التجميل حسن التازي

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في قاعة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث تتقاطع أصوات المرافعات مع همسات الحضور، أسدل الستار مساء الجمعة على واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وإثارة للجدل في السنوات الأخيرة. قرارات القضاء جاءت حاسمة: براءة تامة من تهمة الاتجار بالبشر، تخفيف للأحكام السجنية، وتأكيد على براءة بعض المتهمين من تهم الاستفادة غير المشروعة من التبرعات. لكن وراء هذه الأحكام الجافة، تكمن دراما إنسانية قل نظيرها.

ثلاث سنوات من المحاكمات كشفت عن تناقضات صارخة بين الرواية الرسمية وحقيقة ما جرى داخل مصحة الدكتور حسن التازي. المحامي المسكيني، خلال مرافعته التي استمرت ساعات، قلب الطاولة على الاتهامات عندما أكد أن “المرضى جاءوا طوعاً بعد استنفاد كل سبل العلاج elsewhere”، مستشهداً بحالات عائلات قطعت مئات الكيلومترات من بوجدور إلى الداخلة ثم العيون بحثاً عن علاج لحروق خطيرة. “إذا كانت المصحة استقبلت آلاف الحالات، فكيف تُختزل القضية في 17 ملفاً فقط؟” تساءل المحامي بمرارة، مشيراً إلى أن ما حدث مع بعض المرضى كان مجرد عجز عن السداد بعد تلقي العلاج، وليس استغلالاً كما ادعت النيابة.

الأحكام جاءت مخففة لكنها لم تكن رحيمة تماماً. مونية بنشقرون، زوجة التازي، خفض حكمها من أربع سنوات إلى ثلاث. عبد الرزاق التازي، شقيق الدكتور، خفف عقوبة من خمس سنوات إلى ثلاث ونصف. زينب بنزاكور، التي كانت تلعب دور الوسيط بين المرضى والمحسنين، حكم عليها بثلاث سنوات ونصف. أما سعيدة علو، المسؤولة المحاسبية، فحصلت على ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ لسنتين.

لكن الجانب الأكثر إثارة في هذه المحاكمة لم يكن في حيثيات الحكم، بل في اللحظات الإنسانية التي عاشتها القاعة. زينب بنزاكور، التي تعاني من مرض السل داخل السجن، تحدثت عن وفاة زوجها وابتعاد أبنائها وهي تبكي: “كل ما فعلته كان مساعدة المرضى”. مونية انهارت وهي تصف كيف تحولت حياتها من محاسبة عادية إلى متهمة في قضية جنائية. سعيدة علو قالت ببساطة: “كنت أساعد الناس”، بينما اعتبرت عزيزة فنان ما حدث “ابتلاء إلهياً”.

المشهد الأكثر تأثيراً كان عندما أخذ الدكتور التازي الكلمة. الرجل الذي كان يوماً ما طبيباً مشهوراً، انهار باكياً وهو يقول: “خسرت كل شيء.. حتى الوسام الملكي الذي كان يحفزني على فعل الخير”. ثم ختم برسالة ولاء للملك محمد السادس، معبراً عن ثقته في عدالة المحكمة.

هذه القضية التي بدأت كملف جنائي، تحولت إلى مأساة إنسانية كشفت عن هشاشة السمعة، وعن الخط الدقيق بين العمل الخيري والاتهامات الجنائية. اليوم، وبعد أن أصدر القضاء حكمه، تبقى أسئلة كثيرة معلقة: هل كانت هذه محاكمة عادلة؟ أم أن الحقيقة كاملة لم تظهر بعد؟ الأكيد أن القرار النهائي لم يضع نهاية للجدل، بل ربما يكون قد فتح الباب أمام فصل جديد من النقاش المجتمعي حول العدالة والشفقة، وبين تطبيق القانون وروحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!