
المصطفى الجوي – موطني نيوز
انطلقت في جماعة بوزنيقة التابعة لإقليم بنسليمان حملة واسعة النطاق لتحرير الملك العام، تهدف إلى استعادة الأراضي والأملاك العمومية التي تعرضت للاغتصاب والاستيلاء غير المشروع على مدى سنوات طويلة. وقد سبق هذه الحملة تنظيم ندوة صحفية بمقر الباشوية، ترأسها السيد الباشا بنفسه بحضور رئيس الجماعة الترابية ورؤساء الملحقات الإدارية التابعة لها، بالإضافة إلى ممثلي المجتمع المدني، في خطوة تهدف إلى توحيد الرؤى وتنسيق الجهود قبل الانتقال إلى المرحلة التطبيقية.

وانتقلت الحملة من مرحلة التنظير إلى حيز التنفيذ، حيث شهدت شوارع ودروب بوزنيقة تحركا ميدانيا مكثفا قاده السيد الباشا شخصيا، يرافقه القياد وأعوان السلطة، مع حضور بارز لعناصر القوات المساعدة التي شكلت غطاء أمنيا للعملية. وما ميز هذه الحملة هو النهج “الناعم” الذي اعتمده السيد الباشا في تعامله مع المخالفين، حيث فضل أسلوب الحوار والإقناع على المواجهة المباشرة، في محاولة لإيجاد حلول توافقية مع من استولوا على الأملاك العمومية منذ سنوات.

هذا الأسلوب الاستثنائي في التعامل لقي ترحيبا من قبل العديد من المراقبين الذين اعتبروه مقاربة حضارية تستحق الإشادة، خاصة في ظل انتشار ظاهرة الاستيلاء على الملك العام بالقوة. إلا أن هذا النهج التصالحي يطرح عدة تساؤلات حول مدى فعاليته في تحقيق الأهداف المرجوة، خصوصا مع وجود حالات عناد ورفض من بعض المعتدين الذين اعتادوا على انتهاك القانون. كما يبقى السؤال مطروحا حول كيفية تعامل السلطة مع أولئك الذين يتجاوزون المساحات المرخصة لهم، أو الذين يرفضون الانصياع للقوانين، وهي قضايا سبق لوسائل إعلام محلية ووطنية أن سلطت الضوء عليها.

وفي خضم هذه الحملة، تبرز تحديات كبيرة تواجه السلطات المحلية، أبرزها ضرورة الحفاظ على زخم الحملة وضمان استمراريتها دون تراجع، في ظل وجود مصالح متضاربة ورهانات محلية قد تعيق مسارها. وتزداد هذه التحديات تعقيدا مع وجود مؤشرات على توتر العلاقة بين المجلس الجماعي والسلطة المحلية في شخص السيد الباشا، تماما كما هو الحال في مدينة بنسليمان المجاورة، مما يطرح تساؤلات حول مدى توافق جميع الأطراف على أهداف الحملة.

هذه المبادرة تمثل خطوة جريئة في اتجاه تصحيح اختلالات متراكمة، وفرصة لترسيخ ثقافة جديدة تحترم الملك العام وتقدس حرمة القانون. غير أن نجاحها مرهون بقدرة السلطات على المزج بين المرونة في التعامل والحزم في التطبيق، مع ضرورة تكثيف المراقبة وضمان الشفافية في جميع المراحل. كما أن استعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات تتطلب تقديم حلول عادلة للفئات المتضررة، وخلق بدائل مناسبة لمن قد يفقدون مصادر رزقهم بسبب هذه الحملة.

إن حملة تحرير الملك العام ببوزنيقة تشكل نموذجا يحتذى به، لكن نتائجها الفعلية ستظل رهينة بالقدرة على مواجهة جميع العوائق والمقاومة التي قد تظهر من بعض الأطراف. والأيام القادمة كفيلة بكشف مدى جدية جميع المتدخلين في إنجاح هذه المبادرة، ومدى استعدادهم لتجاوز الخلافات والرهانات الضيقة من أجل الصالح العام.

ولمن فاته مشاهدة التعامل الاستثنائي الذي ابانه باشا مدينة بوزنيقة في تحريره للملك العام من مغتصبيه، المرجو الضغط هنا.