المصطفى الجوي – موطني نيوز
في مشهدٍ يُجسِّد انحداراً أخلاقياً وقانونياً خطيراً، هزَّت مدينة تمارة المغربية حادثةٌ مروِّعة، تحوَّلت بين ليلة وضحاها إلى “قضية رأي عام” تَسُوقها منصات التواصل الاجتماعي بفظاظة، وتُعيد طرح أسئلةٍ مُقلقة عن حدود احترام هيبة الدولة وممثليها. فالسيدة التي اعتدتْ بوحشيةٍ على فائد المحلقة السابعة، في واقعةٍ سجَّلها فيديو مُدوٍّ انتشر كالنار في الهشيم، لم تكتفِ باستفزاز القانون، بل نكأت جرحاً غائراً في علاقة المواطن بالسلطة!
المشهد المُذل، الذي التقطته كاميرات الهواتف، لم يَكْشف فقط عن قبضةٍ عابثةٍ تتحدى رجال الأمن، بل كشف عن “ثقافة استهتار” تتفشَّى في شرائح مجتمعية تتعامل مع ممثلي الدولة كخصومٍ، لا كحماةٍ للقانون. فالمعتدية، التي سارعت النيابة العامة بالرباط إلى إصدار أمر اعتقالها مع مرافقيها، حوَّلت شوارع تمارة إلى مسرحٍ لـ”مهزلة عنف” تَسْخر من كل ما يُرمز إلى النظام والاحترام.
لكنَّ الجريمة الأكبر ليست في قبضتها الجارفة، بل في مَنْ حاول تبرير فعلتها تحت ذريعة “حقوق الإنسان”! فهل يُعقل أن يصبح الاعتداء على رجل سلطةٍ مُجرد “بوابة” لجدالاتٍ فضفاضة؟! أين خطُّ التماس بين النقد المشروع وبين التمادي في إذلال مَنْ يحملون شارة الوطن؟! إنَّ مَنْ يرفع شعار “الحقوق” ليُبرر الفوضى، إنما يطعن الدولة في صميم شرعيتها.
اليوم، وبينما يُحدد القضاء المغربي أول جلسة لمحاكمة المتورطين في 26 مارس الجاري، تُصبح الرسالة واضحة: القانون ليس عاجزاً. فسرعة تدخُّل النيابة العامة تأكيدٌ على أنَّ دمغة العدل لن تتهاون مع مَنْ يستبيحون حُرمة الوظيفة العامة. لكن السؤال الأعمق يبقى: متى نُدرك أنَّ احترام رجال السلطة ليس خضوعاً، بل هو ضمانةٌ لاستقرار المجتمع كله؟!
هذه الواقعة ليست مجرد “حادثة فردية”، بل جرس إنذارٍ يُطالب بمراجعة جذرية لثقافة التعامل مع القانون. فالدولة ليست عدوًّا، والمواطن ليس مُحارباً! إنها علاقة تكاملٍ، وشراكةٌ في بناء الوطن. أما مَنْ يرفضون هذه الشراكة، فليعلموا أنَّ قبضة العدل ستكون أقسى من أي قبضةٍ عابثة! والعدالة هي من ستنتصر في النهاية، والانتصار سيكون للنظام لا للعبث و الفوضى.