إغتيال جون إف. كينيدي والكشف عن وثائق جديدة ترفع عنها السرية لأول مرة بعد أكثر من نصف قرن

جون كنيدي وزوجته

المصطفى الجوي – موطني نيوز

في 22 نوفمبر 1963، أُطلق النار على الرئيس الأمريكي جون إف. كينيدي في دالاس، تكساس، مما أدى إلى وفاته فيما بعد. منذ ذلك الحين، ظلت هذه الحادثة واحدة من أكثر الأحداث جدلاً في التاريخ الأمريكي، حيث شكك الملايين في الرواية الرسمية التي قدمتها لجنة وارن (Warren Commission) عام 1964، والتي استنتجت أن لي هارفي أوزوالد، وهو شخص منفرد، كان المسؤول الوحيد عن الاغتيال. مع مرور الوقت، ومع الضغط المتزايد من الجمهور والمشرعين، أصدر الرئيس دونالد ترامب، خلال فترة رئاسته، أوامر بإطلاق سراح المزيد من الوثائق المتعلقة بالاغتيال، مما أدى إلى إصدار حزمة جديدة من الوثائق في مارس 2025. هذه الوثائق، التي تم الإفراج عنها بموجب قانون تسجيلات إغتيال كينيدي لعام 1992، توفر نظرة ثاقبة على الأدوار المحتملة للوكالات الحكومية، مثل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، فضلاً عن سياقات العمليات السرية في ذلك الوقت.

Warren Commission

سياق الإطلاق الجديد للوثائق

في أبريل 1992، كتب المدير السابق لشؤون الكونغرس في الـ CIA، ستانلي م. موسكوفيتز، إلى الرئيس جون كونيرس جونيور، رئيس لجنة العمليات الحكومية في مجلس النواب، مفصلاً عن سجلات الوكالة المتعلقة بإغتيال كينيدي. وفقًا للوثيقة [104-10337-10001](https://www.archives.gov/files/research/jfk/releases/2025/0318/104-10337-10001.pdf)، تمتلك الـ CIA حوالي 300,000 صفحة من السجلات المتعلقة بالاغتيال، بما في ذلك ملفات أوزوالد، وأنشطته في المكسيك ونيو أورلينز والاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى عمليات الوكالة ضد كوبا وفيدل كاسترو. وأشارت الوثيقة إلى أن بين 40% و50% من هذه السجلات نشأت في الأصل من الفيدرالية، مما يشير إلى تعاون وثيق بين الوكالات الحكومية.

تشييع جثمان الرئيس جون كيندي

ما يثير الدهشة هنا هو الإقرار بوجود مواد غير مستكشفة بشكل كامل. ذكرت الـ CIA أنها “لم تحاول أبدًا تحديد كل وثيقة تتعلق بكل زاوية أو نظرية محتملة” حول الاغتيال، مما يترك الباب مفتوحًا لإمكانية وجود معلومات جديدة قد تُغير الرواية الرسمية إذا تم البحث عنها بمعايير محددة . هذا الإقرار يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الـ CIA تحجب عمدًا معلومات حساسة، أو إذا كانت الوكالة ببساطة لم تركز على جمع كل التفاصيل.

دور الـ CIA وأوزوالد

تُركز الوثائق بشكل كبير على “لي هارفي أوزوالد”، المتهم الرئيسي في الاغتيال. وفقًا للوثيقة نفسها، تشمل السجلات ملف أوزوالد الذي جمعته الـ CIA كرد على استفسارات لجنة وارن ولجنة التحقيقات الخاصة بمجلس النواب (HSCA)، بالإضافة إلى أنشطته في المكسيك ونيو أورلينز. ومع ذلك، فإن عدم وجود أي إشارة واضحة في هذه الوثائق إلى تورط مباشر للـ CIA في التخطيط للاغتيال لا يزال يترك مجالًا للشكوك. الرواية الرسمية تؤكد أن أوزوالد عمل بمفرده، لكن السياق السياسي والعمليات السرية التي كانت تجريها الـ CIA ضد كوبا في ذلك الوقت تثير تساؤلات حول ما إذا كان هناك أطراف أخرى متورطة.

لي هارفي أوزوالد

العمليات ضد كوبا وفيدل كاسترو

تكشف الوثائق عن نشاط مكثف للـ CIA ضد نظام فيدل كاسترو في كوبا خلال الستينيات. في وثيقة، يتم مناقشة خطة لاستغلال زيارة نيكيتا خروتشوف، زعيم الاتحاد السوفيتي، إلى كوبا في يوليو 1960، بهدف منع الزيارة أو مكافحتها من خلال تنظيم مظاهرات كنسية ضخمة ونشر شائعات عن محاولة اغتيال محتملة لخروتشوف. هذه العمليات تشير إلى أن الـ CIA كانت مستعدة لاستخدام أساليب متطرفة لتعزيز مصالحها السياسية في أمريكا اللاتينية، مما يعزز الفرضيات التي تتساءل عما إذا كان لدى الوكالة دوافع لاستهداف كينيدي نفسه، خاصة في ضوء خلافاته مع الوكالة حول سياسة كوبا بعد فشل غزو الخليج الخاصن في أبريل 1961.

فيدل كاسترو

دور هوارد هانت وغيره من الأشخاص

تتضمن الوثائق أيضًا استفسارات حول مواقع أفراد بارزين في الـ CIA في يوم الاغتيال. في وثيقة [178-10002-10091](https://www.archives.gov/files/research/jfk/releases/2025/0318/178-10002-10091.pdf)، يتم مناقشة هوارد هانت، أحد أعضاء الـ CIA البارزين الذين ارتبطوا لاحقًا بفضيحة ووترغيت. أفاد شاهد، ويليام سي. ستوربيتس، أنه تم التحقق من سجلات حضور هانت، والتي أظهرت أنه كان في إجازة مرضية في 22 نوفمبر 1963، يوم الاغتيال. على الرغم من أن هذه المعلومات لا تشير إلى تورطه مباشرة، فإن وجود استفسارات متكررة حول مكان هانت يثير تساؤلات حول ما إذا كان هناك شكوك داخلية حول دوره المحتمل.

كيندي وزوجته قبل اغتياله بلحظات

الشكوك المستمرة حول الرواية الرسمية

على الرغم من أن الوثائق الحالية لا توفر دليلاً مباشرًا على وجود مؤامرة واسعة النطاق، فإنها تبرز عدة نقاط مثيرة للجدل:

1. كمية السجلات الهائلة وغير المستكشفة : وجود 300,000 صفحة من السجلات، مع نسبة كبيرة منها من الفيدرالية، يشير إلى أن هناك معلومات غير مكشوفة قد تحتوي على تفاصيل جديدة

(https://www.archives.gov/files/research/jfk/releases/2025/0318/104-10337-10001.pdf).

2. التركيز على كوبا والعمليات السرية : العمليات ضد كوبا، بما في ذلك الخطط لاستهداف القادة السياسيين، تثير تساؤلات حول ما إذا كان هناك ارتباط بين هذه النشاطات واغتيال كينيدي

  (https://www.archives.gov/files/research/jfk/releases/2025/0318/104-10308-10208.pdf).

3. غياب التحقيقات الشاملة : اعتراف الـ CIA بأنها لم تبحث عن كل الزوايا المحتملة يترك انطباعًا بأن التحقيقات الرسمية قد لم تكن شاملة بما فيه الكفاية.

لي هارفي أوزوالد و CIA

الاستنتاجات والتأثيرات

الوثائق المنشورة حديثًا في مارس 2025 لا تقدم دليلاً قاطعًا على وجود مؤامرة واسعة النطاق، لكنها تزيد من تعقيد الرواية الرسمية التي تؤكد أن أوزوالد كان يعمل بمفرده. التركيز على أنشطة الـ CIA في كوبا، بالإضافة إلى الإشارات إلى أفراد مثل هوارد هانت، يعزز الشكوك التي أثيرت على مر السنين حول دور الوكالات الحكومية. على الرغم من أن الوثائق لا تثبت تورطًا مباشرًا، فإنها تبرز الحاجة إلى مزيد من التحقيقات، خاصة مع وجود سجلات غير مستكشفة بعد.

هوارد هانت

قرارات الرئيس دونالد ترامب بإطلاق سراح هذه الوثائق، بعد أكثر من نصف قرن من الحادثة، تعكس الضغط المتزايد من الجمهور والمشرعين للوصول إلى الحقيقة الكاملة. ومع ذلك، فإن الإفراج عن 80,000 ملف فقط جزءًا صغيرًا في كل مرة يترك انطباعًا بأن هناك معلومات حساسة قد لا تزال محجوبة، ربما لأسباب تتعلق بحماية المصادر الاستخباراتية أو الطرق، كما ذكرت الـ CIA في ردودها .

دونالد ترامب

المستقبل
مع استمرار إطلاق سراح المزيد من الوثائق، قد تظهر تفاصيل جديدة قد تُعيد تشكيل فهمنا لإغتيال كينيدي. حتى ذلك الحين، تظل هذه الوثائق شهادة على تعقيد السياسة والاستخبارات الأمريكية في منتصف القرن العشرين، وتدعو إلى إعادة تقييم مستمر لأحد أكثر الأحداث إثارة للجدل في التاريخ الحديث. كما نعدكم بأننا سنتطرق لتفاصيل أكثر في الجزء الثاني من هذا التحقيق.

السلاح الذي تمت به عملية الاغتيال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!