بنسليمان : مستشفى الحسن الثاني..فوضى الغرباء تُحوِّل مرفقاً صحياً إلى سوق مفتوح!

مصلحة إستقبال المستعجلات بنسليمان

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

من يحمي المرضى الذين يلتمسون الشفاء بين جدران المستشفى الإقليمي الحسن الثاني في بنسليمان؟ ومن يضمن أن تظل أروقة هذا المرفق الصحي مخصصة لمن يحتاجونها حقاً؟ أسئلة تطفو على السطح بين الحين والآخر، لكنها تتحول إلى صرخات مُجهضة في فضاء من الصمت الرسمي المريب. المشهد اليومي داخل المستشفى لم يعد يخضع لمنطق الطب أو الإنسانية، بل تحوَّل إلى فوضى عارمة تتحكم فيها أقدام غريبة، تتهادى في الممرات وكأنها تتجول في “سوق أسبوعي”، بينما المرضى وأسرهم يترنحون تحت وطأة انتظار دورهم.

ولطالما تساءلنا، مَن هؤلاء الذين يملؤون المستشفى صباحاً ومساءً؟ أشباح تظهر فجأة وتختفي دون أن تترك أثراً إلا مزيداً من الارتباك والفوضى والولوج الى هذا المرفق بالقوة. هم ليسوا أطباءً، ولا ممرضين، ولا حتى عاملين في الصيانة أو النظافة او الحراسة. هم وجوه غامضة تتحرك بحرية مطلقة، تتدخل في تفاصيل لا علاقة لها بهم، تتنقل بين الغرف والمكاتب وكأن السلطة بين أيديهم. الأكثر إثارة للاستفزاز أن حراس الأمن، الذين من المفترض أن يكونوا خط الدفاع الأول عن حرمة المكان، يُعامَلون كـ”دخلاء” من قِبل هؤلاء الغرباء، الذين يصرخون في وجوههم إذا ما حاولوا استفساراً بسيطاً عن هوياتهم أو مهامهم.

السؤال الأكبر، لماذا تتحول مؤسسة حكومية، يُفترض أن تكون منارة للخدمة العمومية، إلى فضاءٍ مستباح؟ كيف يُسمح لأشخاص مجهولي الهوية والدور أن يتحكموا في رقاب المرضى والعاملين؟ ولماذا تُغض الطرف عن تحويل المستشفى إلى “رحبة” عامة، بينما القوانين واضحة: المرفق الصحي مكان مقدس، مخصص فقط لتقديم الرعاية الصحية، وليس ساحة لتصفية الحسابات أو إشباع فضول العابرين.

فالمسؤولية هنا لا تقع على عاتق الغرباء وحدهم، بل تتجاوزهم إلى من يملكون سلطة الحماية والردع. إدارة المستشفى، الممثلة في السيد المندوب والسيدة المديرة، تبدو عاجزة عن تفسير هذه الفوضى، أو ربما غير راغبة في كشف الخيوط الخفية التي تتحكم في هذا المشهد، فالمديرة مثلا تحاول بكل السبل خلق جو صحي للمرضى والمرتفقين بهذا المستشفى بالإضافة الى حرصها على تنظيمه لكنها في كل مرة تجد هذه النماذج في وجها، أشخاص لا أحد يعلم دورهم او حتى سبب تواجدهم بالمستشفى؟. ليبقى التكتم الرسمي حول هويات هؤلاء الأفراد وأهدافهم يغذي الشكوك ويدفع إلى طرح أسئلة أكثر إحراجاً: هل هناك أطراف تُدير لعبة ما خلف الكواليس؟ هل تُستغل أروقة المستشفى لأغراض لا علاقة لها بالصحة كالانتخابات مثلا والتلاعب في المواعيد؟ ولماذا لم تُفعَّل حتى الآن آليات المراقبة القانونية، رغم أن الوضع تجاوز كل حدود التسامح؟

نحن اليوم لا نطلب إجاباتٍ وردية، بل نطالب بحزم. حان الوقت لرفع تقرير عاجل إلى النيابة العامة، لأن السيل بلغ الزبى، والتهاون في حماية المستشفى هو جريمة بحق المرضى وحق المجتمع. لا يمكن أن تتحول غرف العمليات وأقسام الطوارئ إلى مسرحٍ لـ”الكومبارس”، بينما الأطباء يحاولون إنقاذ أرواح بشرية وسط ضجيج الغرباء. المستشفى الإقليمي ليس ملكاً لفئةٍ متخفية، بل هو ملكٌ للمواطنين الذين يدفعون الضرائب ويستحقون الحصول على خدمة صحية آمنة وكريمة.

والوضع لم يعد يحتمل الانتظار. إما أن تتحرك الجهات المعنية اليوم، أو نتحرك نحن غداً لكشف كل التفاصيل التي تُخفيها الجدران. الفوضى لن تمر بصمت، والشمس لا يمكن أن تُغطى بغربال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!