
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في زمن قصير، تحولت شركة “أوزون للبيئة والخدمات” من صرح شامخ يناطح السحاب إلى كيان متداع يترنح على حافة الهاوية، وكل ذلك لأن السيد عزيز البدراوي، الرجل الذي كان عمودها الفقري، غاب عنها قسراً خلف قضبان السجن. لم تمضِ سنة واحدة على غيابه، فك الله أسره، حتى انهارت الشركة كقصر من ورق، تهاوت أمام أعيننا من القمة إلى القاع، والسبب؟ خيانة من ائتمنهم البدراوي على هذا الصرح، إلا من رحم ربك، فالسيدة أسماء ريزقي لا تزال صامدة كشجرة زيتون في وجه العاصفة، تصون الأمانة بينما يتفرق الجميع باحثين عن مورد رزق آخر حتى لو كان من الخصوم.
الحالة التي وصلت إليها “أوزون” اليوم ليست مجرد تراجع، بل كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. العاملون فيها، من أصغرهم إلى أكبرهم، باتوا يتصرفون كأمراء حرب في أرض بلا قانون، كل يسعى لنهش ما تبقى من جثة الشركة التي كانت يوماً رمزاً للنجاح. خذوا مدينة بنسليمان مثالاً صارخاً، حيث تحولت حاويات الأزبال إلى سلعة تباع وتشترى، تصل إلى محطات الوقود والضيعات خارج نطاق عمل الشركة. عدسة “موطني نيوز” رصدت هذه الفضيحة في جماعة أولاد يحيى لوطا بإقليم بنسليمان وتحديد بالطريق الوطنية في اتحاه فضالات، حيث لا عقد يربط الشركة بهذه المنطقة غير المصلحة الشخصية أو كما هو متعارف عليه “غادي غادي دي معاك هذي”، لكن جشع بعض العاملين، في غياب مدير استغلالية أصبح شبحاً لا وجود له، حول المدينة إلى مزبلة مفتوحة على مصراعيها. هذا المدير الذي كان في عهده كارثة بحد ذاتها، ترك المدينة غارقة في القمامة، واليوم يزداد الطين بلة بتصرفات من لا ضمير لهم.

نحن في “موطني نيوز” لا نتوجه باللوم إلى هذا المسؤول الصغير الغير موجود أصلا، بل نرفع أصواتنا إلى من هم أعلى منه إن وجدوا، إلى من سلمتموهم مقاليد الأمور فأضاعوا الأمانة. اتقوا الله في هذه الشركة التي كانت مورد رزق للآلاف، فالسيد عزيز البدراوي تركها بين أيديكم كجوهرة ثمينة، فحولتموها من إمبراطورية باسقة إلى مستعمرة تُنهب ليل نهار. كانت شركة مواطنة بامتياز، بل دولية في طموحاتها، واليوم باتت حطاماً بفعل أياديكم الآثمة. لكننا نعدكم، وعد الحق، أننا لن نسكت، سنظل نكشف ونفضح كل من أكل لحم “أوزون” وتركها عظاماً نخرة، كل من اغتنى على حسابها واستغل غياب البدراوي ليبني ثروته من عرقها ودمها.
وأما السيد عزيز البدراوي، فإن كان اليوم خلف القضبان، فهو ليس غائباً عن المشهد. عيناه ترصدان كل صغيرة وكبيرة، وقلبه يعتصر ألماً وهو يرى ما آلت إليه شركته التي بناها بجهده وتفانيه وجوعه وعطشه. لكنه ليس بعاجز، وعندما يطلق الله سراحه -وعسى أن يكون قريباً- سيعود ليحاسب كل من تكالب عليه، كل من نهش لحمه وخان أمانته. فاحذروا يوم عودته، فإن الحساب سيكون عسيراً، والعقاب لن يرحم أحداً.
