اعتقال طفلة وشيخ..هل هكذا نحمي سمعة الوطن؟

المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في واقعة تثير الدهشة والاستياء، يجد المرء نفسه أمام سؤال محير: هل يعقل أن تُعتقل طفلة لم تبلغ بعد سن المسؤولية الجنائية، لا لشيء سوى أنها تحمل قرابة عائلية مع شخص مثل هشام جيراندو، صاحب ما يُعرف بـ”التحدي”؟ كيف يمكن أن نتصور طفلة في هذا العمر المبكر، تُنتزع من قسمها الدراسي وحياتها الطبيعية، وكأنها ارتكبت جريمةً في حق الوطن؟ وكيف نبرر محاسبة عائلة بأكملها بذنب قريب لها اختار العيش خارج أرض الوطن؟

إنها ليست مجرد حالة فردية، بل مشهد يعكس تناقضاً مؤلماً في التعامل مع قضايا الحقوق والعدالة. فمن جهة، نجد طفلة كان يفترض أن تكون في مدرستها أو بين أحضان أمها المعتقلة رفقتها، تقاسي الآن تبعات قرارات لا دخل لها فيها. ومن جهة أخرى، نشهد اعتقال شيخ حقوقي كمحمد زيان، رمزٌ من رموز النضال من أجل الحق وأول وزير لحقوق الانسان في المغرب، ليصبح السؤال : أي وطن نحلم به إذا كانت أبواب السجون تفتح للأطفال والشيوخ على حد سواء؟

إن ما يثير الحرقة في النفس ليس فقط هذه الأحداث بحد ذاتها، بل ما تحمله من دلالات على سمعة بلد نكن له كل الحب والتقدير. فكيف نرفع رؤوسنا بين الأمم ونحن نعطي الفرصة لأصابع الخزي وجيران السوء أن تشير إلينا؟ لا أحد ينكر أن الوطن يستحق الحماية، لكن أتكون الحماية بظلم الأبرياء؟ أتكون بمعاقبة من لا حول لهم ولا قوة، فقط لأن القدر جعلهم في دائرة قرابة أو علاقة؟

نحن لا نتحدث هنا بدافع الكراهية أو التشكيك، بل بدافع الحب العميق لهذا الوطن، وحرصنا على أن تظل سمعته ناصعة بين الدول. إن العار ليس في النقد البناء، بل في السكوت عن أخطاء تهز صورة بلد عزيز علينا جميعاً. فلنتوقف لحظة، ولنفكر : هل هكذا نصنع مستقبلاً يليق بأطفالنا وشيوخنا؟ أم أن الوقت قد حان لإعادة النظر في كيفية تحقيق العدالة، بعيداً عن الظلم الذي يجرح الجميع؟

إن الوطن ليس مجرد حدود جغرافية، بل هو أمانة في أعناقنا. فلا نتركها تُلوث بالقرارات التي تجعلنا نحن أنفسنا نشكك في قيم العدالة التي طالما تغنينا بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!