
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في ظل استمرار تفشي الفوضى العمرانية بجماعة شراط التابعة لدائرة بوزنيقة في إقليم بنسليمان، يبرز ملف المباني العشوائية كجرح نازف يُسلط الضوء على غياب المحاسبة وتهاون الجهات المعنية. هذه المباني التي تنتصب بوقاحة على قارعة الطريق الوطنية رقم 1 في اتجاه الرباط ليست مجرد خرق فاضح لقانون التعمير، بل دليل دامغ على انهيار منظومة المراقبة وسيادة منطق “السيبة” في إقليم يعاني من الفساد المستشري. “موطني نيوز”، وانطلاقًا من واجبها المهني، قامت بزيارة ميدانية للمنطقة للوقوف على حقيقة هذا العبث، فكانت الصورة أكثر قتامة مما توقعنا.
ما رأيناه لم يقتصر على مبانٍ عشوائية تتحدى كل القوانين، بل امتد إلى انتشار أراضٍ شاسعة تتراوح بين تجزئات سكنية مقامة وأخرى ما زالت قاحلة تنتظر من يستغلها أو يتستر عليها. بين تجزئة “ما شاء الله” و”إفازيون”، برزت بقعة أرضية أثارت تساؤلاتنا الحارقة : هل هذه الأراضي الغير المبنية تؤدي ما في ذمتها من مستحقات مالية للجماعة؟ وهل فعلاً تخضع للضريبة على الأراضي غير المبنية كما ينص القانون؟ أم أننا أمام فضيحة جديدة تُحاك خيوطها في الخفاء؟
والأدهى من ذلك، تصلنا أخبار مقلقة تشير إلى مساعٍ محمومة لإعفاء إحدى هذه القطع الأرضية من الضريبة المترتبة عليها، رغم أنها لم تؤدِ ما بذمتها للجماعة منذ أكثر من خمس سنوات. إذا صحت هذه المعلومات، فإننا أمام سابقة خطيرة تكرس الظلم وتفتح الباب واسعًا للمزيد من التلاعب بالمال العام. فما موقف السيد الخازن الإقليمي من هذا اللغط؟ هل هو مع الإعفاء المشبوه أم مع إلزام الملاكين بالأداء وفق القانون؟ الصمت المطبق من الجهات المسؤولة لا يزيد الوضع إلا غموضًا ويؤجج الشكوك حول نواياها.
إن إقليم بنسليمان، الذي يبدو أنه تحول إلى ملعب مفتوح للفساد والمحسوبية، يحتاج إلى وقفة جادة لكبح جماح هذه الانتهاكات. المباني العشوائية ليست سوى قمة جبل الجليد، بينما تكمن الكارثة الحقيقية في الأراضي المهملة التي تُدار بمنطق المصالح الضيقة بعيدًا عن أعين الرقابة. نحن في “موطني نيوز” نعد قراءنا بالعودة إلى هذا الملف بكل الحدة والجرأة اللازمتين، لأن في إقليم “السيبة” حيث كل شيء مباح، لا يمكن السكوت عن هذا العبث أكثر. انتظروا المزيد، فالحقيقة لا بد أن تُكشف مهما طال التستر!