
المصطفى الجوي – موطني نيوز
كعادته، شهد المشهد السياسي المحلي بجماعة فضالات في إقليم بنسليمان توتراً جديداً خلال الدورة الاستثنائية التي دعا إليها السيد العامل صباح يومه الجمعة 28 فبراير الجاري، وهي دورة حملت في طياتها نقطاً محورية كان من المفترض أن تمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق مشاريع تنموية طال انتظارها. فقد تضمن جدول الأعمال نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلق بدراسة والموافقة على مباشرة مسطرة نزع الملكية لقطع أرضية تابعة للجماعة، وهي خطوة ضرورية لبناء الطريق المداري المحيط بالملعب الكبير الحسن الثاني ببنسليمان، وهو المشروع الذي يعد بتحسين البنية التحتية وتسهيل حركة السير في المنطقة. أما النقطة الثانية، والتي بدت أكثر إلحاحاً وحساسية، فقد تمحورت حول إعادة الدراسة والمصادقة على برمجة الفائض السنوي للسنة المالية 2024، بهدف تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لمساهمة الجماعة في تمويل مشروع التطهير السائل بمركز الجماعة، وهو مشروع حيوي يهم الساكنة بشكل مباشر ويتصل بتحسين جودة حياتها، بغلاف مالي ناهز سبعة ملايير سنتيم ساهمت بها كل من الوزارة الوصية والجهة.
لكن، وبدل أن تكون هذه الدورة فرصة لإثبات الالتزام بخدمة المصلحة العامة، تحولت إلى ساحة للتجاذبات السياسية التي ألقت بظلالها على مصير هذه المشاريع. فقد قاطعت مجموعة من المستشارين الجماعيين مجريات الدورة، في خطوة بدت وكأنها تعكس حسابات ضيقة بعيدة عن هموم الساكنة. بل إن الأمر تجاوز مجرد المقاطعة، إذ رصدت “موطني نيوز” غياباً متعمداً لعدد من المستشارين، فيما يبدو أنه تكتيك لعرقلة التصويت على النقط المطروحة، لاسيما تلك المتعلقة بمشروع التطهير السائل الذي يمثل حاجة ملحة ومصلحة عامة لا تقبل التأخير. هذا الغياب، الذي وصف بأنه سابقة من نوعها، أثار تساؤلات واسعة حول الدوافع الحقيقية وراء هذا السلوك، خاصة أن مثل هذه المشاريع تمثل أولوية لساكنة تعاني منذ زمن من نقص في الخدمات الأساسية.
وفي خضم هذا الوضع المثير للجدل، لم يمر الأمر دون رد فعل. فقد احتج السيد عبد الفتاح الزردي، عضو مستشار بجماعة فضالات ورئيس المجلس الإقليمي لبنسليمان، على هذا التصرف الذي وصفه بـ”غير المقبول”، معتبراً أنه يتعارض بشكل صارخ مع مصلحة الساكنة. وفي تصريح خص به “موطني نيوز”، سعى الزردي إلى كشف الملابسات والأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذه المقاطعة، موضحاً أن مثل هذه التصرفات لا يمكن أن تُبرر إلا إذا كانت تخدم أجندات شخصية أو فئوية على حساب الصالح العام. هذا التصريح، الذي جاء كمحاولة لتوضيح الصورة أمام الرأي العام، يضع المسؤولين المحليين أمام مسؤوليتهم التاريخية في اتخاذ قرارات تخدم الساكنة بدلاً من عرقلة مسار التنمية.
في المحصلة، تبقى الدورة الاستثنائية لجماعة فضالات محطة تكشف عن عمق التحديات التي تواجه العمل الجماعي في المغرب، بين ضرورة تحقيق التنمية وبين إكراهات السياسة المحلية. ومع استمرار هذا الوضع، يظل السؤال المطروح: إلى متى ستظل المصلحة العامة رهينة الحسابات الضيقة؟ وما مصير المليارات السبعة التي وهبتها الوزارة و الجهة لتمويل قنوات الصرف لصحي “الواد الحار”.