
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في قلب الدار البيضاء، يعاني سكان حي جوهرة سيدي مومن من واقعٍ مرير، حيث تحولت أزقة الحي إلى مسرحٍ للفوضى والعشوائية. تنتشر عربات الباعة المجرورة بالحمير والبغال، إلى جانب الدراجات الثلاثية و”الفراشة”، لتحتل كل شبرٍ من الملك العام، خصوصًا في “الزنقة 14” والأزقة المحيطة، دون أدنى تدخلٍ من السلطات المحلية التي تبدو غائبةً تمامًا عن المشهد.
لا يتوقف الأمر عند تشويه الفضاء العام، بل يتعداه إلى انتهاكاتٍ يومية تمس أبسط حقوق السكان. فبالإضافة إلى الضجيج الصادر عن مكبرات الصوت التي يستخدمها الباعة حتى ساعات الليل المتأخرة، يُواجه السكان إهانةً مزدوجة: تحويل مراحيض المسجد الواقع في قلب الزقاق إلى مرافق عمومية يستخدمها الباعة طوال النهار دون مراعاة لقدسية المكان أو نظافته، ناهيك عن انتشار أكوام الأزبال وروث الحيوانات الذي يُحوِّل الشوارع إلى مزبلةٍ مكشوفة، تهدد الصحة العامة وتنشر الروائح الكريهة.
رغم توجيه الساكنة عشرات الشكاوى إلى مسؤوليْن كبارٍ كوزير الداخلية، والي جهة الدار البيضاء-سطات، وعامل عمالة البرنوصي، لم تُجدِ تلك الخطوات سوى حملات تنظيف هزيلة، وُصفت بـ”ذر الرماد في العيون”، فيما تظل المعاناة اليومية تتزايد. المفارقة الأكثر إيلامًا تكمن في نجاح السلطات في تحرير عددٍ من أحياء المدينة من ظاهرة احتلال الملك العام، بينما يُستخدم حي جوهرة كوجهةٍ أخيرةٍ لكل الباعة المطرودين، ليتحول تدريجيًّا إلى سوقٍ عشوائيٍ يشبه أسواق البوادي المهملة.
وسط هذا الواقع، يطرح السكان سؤالًا وجوديًّا: هل مصيرهم الاستسلام لعيشةٍ تُناقض أبسط شروط الكرامة الإنسانية التي يكفلها الدستور؟ أم أن مسؤوليْ الجهة، وعلى رأسهم السيد والي الجهة أمهيدية، سيتحركون أخيرًا لإنهاء هذه المهزلة، عبر حملات جذرية تُطهِّر الشوارع، وتحاسب المتجاوزين والمتواطئين معهم، وتستعيد هيبة القانون؟ الصورة التي التُقطت من الموقع ليست سوى شاهدٍ واحدٍ على واقعٍ كارثي، يحتاج إلى أكثر من مجرد وعودٍ لإنقاذ ما تبقى من أملٍ لدى سكانٍ باتوا يشعرون بأنهم ضحايا تناقضٍ مؤسساتي صارخ.