
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في ظل التحديات المتعددة التي تواجهها الدول الحديثة، تبرز أجهزةٌ تعمل في صمتٍ لضمان استقرار المجتمعات وحماية مكتسباتها التنموية. ومن بين هذه الأجهزة الحيوية في المغرب، تأتي المديرية العامة للشؤون الداخلية التابعة لوزارة الداخلية، والتي تُعتبر ركيزةً أساسية في هندسة الأمن الوطني والاستقرار الإداري. وفي هذا السياق، يُمثّل قسم الشؤون الداخلية بعمالة إقليم بنسليمان نموذجًا لآليات العمل المؤسساتي التي تجمع بين الحرفية المهنية والالتزام القانوني، مما يفرض وقفةً لتفكيك أدواره وتكريس الوعي بأهميته.
حيث تعد هذه الأقسام، وعلى رأسها قسم الشؤون الداخلية بعمالة إقليم بنسليمان، عصبا حيويا لتدبير الشأن الأمني والسياسي والاجتماعي، حيث تُناط بها مهامٌ استراتيجية تمسّ صميم أمن البلاد وسلامة مواطنيها. فمنذ عقود، تشكلت ثقافة عمل داخل هذه المؤسسات تقوم على انتقاء الكفاءات ذات الخبرة الميدانية والمشهود لها بالنزاهة وحسن السلوك، مما يجعلها قادرةً على تحمل أعباء المهام المعقدة، بدءًا من تجميع المعلومات وتحليلها لاستباق الأزمات، مرورا بتنسيق عمل المصالح الأمنية المختلفة لضمان انسجامها، ووصولًا إلى مراقبة العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي قد تؤثر على النظام العام. ولا يقتصر الأمر على الجانب الأمني الصرف، بل يتعداه إلى الإشراف الدقيق على الحقل الديني والسياسي، وتتبع الأنشطة الحزبية والنقابية، في إطار ضمان التوازن بين حرية التعبير واحترام القانون.
في هذا الإطار، يبرز دور قسم الشؤون الداخلية في تأطير العمليات الانتخابية والاستفتاءات، حيث يُسهم في ضمان نزاهتها عبر آليات رقابية صارمة، مما يعكس التزامه بترسيخ الديمقراطية التشاركية. كما يلعب دورًا محوريًا في مراقبة الحريات العامة وشؤون المجتمع المدني، ساعيا إلى تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد وواجباتهم، وبين متطلبات الأمن العام واحترام الحقوق الدستورية. وهذا الدور المركب يبرز التعقيد الذي يتسم به عمل هذه الأجهزة، والتي تُضطر أحيانًا إلى السير على حبلٍ مشدود بين متطلبات السيادة القانونية وضغوط الواقع الاجتماعي.
ولا يخفى على أحد التحديات الجسيمة التي تواجه قسم الشؤون الداخلية في مكافحة الجريمة العابرة للحدود، كالاتجار بالمخدرات وتهريب البشر والهجرة غير الشرعية، وهي مهام تتطلب تعاونا دوليا ومحليا، وقدرة على التكيف مع أشكال الجريمة المتطورة. ففي إقليم بنسليمان، مثلًا، يُسجل قسم الشؤون الداخلية حضورا لافتا في مواجهة هذه الظواهر عبر تعزيز الشبكات الاستخباراتية، وتكثيف التعاون مع المصالح الأمنية المتخصصة، مما يترجم استراتيجيةً وطنية تهدف إلى تحصين الحدود وحماية المواطن من المخاطر المحدقة.
لكن الأكثر إثارة للاهتمام هو السجل النظيف لمسؤولي هذا الجهاز، والذي يشكل سندا لشرعيتها المجتمعية ورئيس قسم الشؤون الداخلية بعمالة بنسليمان لا يمكنه أن يخرج عن هذه السمة المهمة. فوفقا للبيانات الرسمية، لم تسجل أي إدانة قضائية لمسؤولين في قسم الشؤون الداخلية بإقليم بنسليمان أو حتى على المستوى الوطني في قضايا فساد أو شطط في استخدام السلطة، وهو ما يعكس ثقافةً مؤسساتية قائمة على الرقابة الذاتية والالتزام الأخلاقي. وبحسب مراقبتنا وتعرفنا لجل مسؤولي هذا القسم فإن طبيعة المهام الحساسة تفرض عليهم الالتزام بصورةٍ استثنائيةٍ بالقانون، مدعومين بآليات رقابية داخلية وخارجية صارمة. وهذا النهج يُفسر سبب ندرة الانتقادات الموجهة إلى عمل مسؤولي قسم الشؤون الداخلية محليا ووطنيا، رغم حساسية اختصاصاتها.
وفي سياق متصل، يولي رئيس قسم الشؤون الداخلية بعمالة بنسليمان اهتماما خاصا بحماية هيئة رجال السلطة من أي ضغوط خارجية، سواء عبر تأطير شؤونهم الإدارية أو ضمان عدم تعرضهم للابتزاز. فثقافة كالامتناع عن إقحام المسؤولين في أمور خارج اختصاصاتهم – كما يُؤكد مراقبون – حيث تسهم في الحفاظ على استقلالية القرار الإداري، وتحصينه من الانحرافات. وهذا النهج ليس مجرد تنظير، بل يُترجم عبر إجراءات عملية، كالتدقيق الدوري في الملفات، وشفافية التعامل مع الشكايات، مما يعزز الثقة بين الأجهزة والمواطنين.
وبالتالي، فإن الدعوة إلى إنصاف رئيس قسم الشؤون الداخلية في بنسليمان وكل العاملين معه وتجنب تبخيس أدوارهم ليست ترفا فكريا، بل هي ضرورة لضمان استمرارية عملها بكفاءة. فوراء كل استقرار نعيشه، ثمة رجال ونساء يكدحون في صمت، يحملون على أكتافهم أمانة الحفاظ على الأمن العام، في ظل توازناتٍ معقدةٍ بين القانون والواقع. وإقليم بنسليمان، عبر قسم شؤونه الداخلية، يقدم درسا في كيفية إدارة هذه التوازنات ببراعة، مما يستحق الإشادة دون غُلو، والمراقبة دون تشكيكٍ مجاني.