
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في حي القدس توسيع التابع للملحقة الإدارية الأولى بمدينة بنسليمان، حيث يُفترض أن تكون السلطة المحلية حارسةً للقانون ومنفذةً له، تتحول الفوضى إلى “نموذج إدارة” يُرسم براحة وسكينة الساكنة المستاءة، وتُعلن المدينة حالة الطوارئ الأخلاقية والقانونية. فتحت سقف الإهمال الرسمي، يطلُّ محلاً للحلاقة غير مرخص، يُديره قاصرٌ لم يتجاوز عتبة المراهقة، ولا يحمل أي شهادة تُجيز له مسك موسى الحلاقة، ناهيك عن إدارة مشروعٍ يتحول تدريجياً إلى وكرٍ للأنشطة المشبوهة واستقطاب “الوجوه الغريبة” والجانحين الذين باتوا يُنغصون حياة السكان بلا رادع. ناهيك عن الكلام الساقط ليل نهار.

لم يعد الأمر يتعلق بمخالفة ترخيص أو تشغيل قاصر فحسب، بل بتفريخ الفوضى في قلب الزنقة التي بها أزيد من 30 أسرة. فبحسب شهادات سكانٍ الذين باتوا يعشون هذه الفوضى يوميا، تحول المحل إلى نقطة تجمعٍ للمشتبه فيهم، حيث تُدار فيه مضايقاتٌ يومية للسكان، من كلام ساقط وفاضح وتباهٍ بالسلوك العدواني. فكل يوم يفتح هذا المحل أبوابه تجد العديد ممن يتجمهرون أمامه من قاصرين و جانحين وغرباء ليتحول الحي إلى ساحة معركة، والسلطة المحلية تختفي كما لو أنها تنتظر كارثةً ما، فالسلطة المحلية بمدينة السيبة لم يعد يهمها شيء لدرجة ان الفوضى باتت هي الأصل والباقي تقليد.

السؤال الذي يفرض نفسه بقوة والذي نوجهه للسيد العامل و السيد باشا المدينة : أين هي السلطة المحلية التي يُفترض أن تكون حاضرةً لضبط الأمن وتطبيق القانون؟ هل تمارس سياسة التغاضي المتعمّد، أم أنها ببساطةٍ عاجزة عن فرض هيبة الدولة؟ أم أنها مستاءة من الاعلام وترحب بالفوضى؟ والا لما كانت التزمت الصمت طيلة هذه المدة دون ان تحرك ساكنا.

الغريب أن المحل يعمل بضوء النهار، دون أن تتحرك أي جهة رسمية لتسأل عن شرعيته، أو لتتحقق من هوية القاصر الذي يديره، أو لتعرف مصدر الآلات الحادة التي يستخدمها دون أي تأهيل. بل الأكثر إثارةً للاستفهام أن شكاوى السكان المتكررة تُلقى في سلة اللامبالاة، وكأن الحي بأكمله قد حُكم عليه بالعيش خارج نطاق القانون!
المفارقة المؤلمة أن مثل هذه الحالات ليست استثناءً في بنسليمان، بل هي نموذجٌ يعكس ثقافةً ممنهجةً في التعامل مع المخالفات. فهل يحتاج الأمر إلى تدخلٍ من البرلمان أو الحكومة المركزية لكشف خيوط هذه الشبكة التي تسمح بانتشار محلات غير مرخصة؟ أم أن الأمر مرتبطٌ بعلاقاتٍ تُنسج في الخفاء بين بعض الأطراف المنتفعة والسلطات المحلية؟ سؤالٌ يطرحه السكان علناً : من يستفيد من استمرار هذه الفوضى في مدينة السيبة؟.

إن ما يحدث في حي القدس توسيع ليس سوى حلقةٍ من مسلسل “الفوضى المُقننة” التي تعيشها المدينة. فغياب الرقابة، وتهافت العقوبات، وتغليب منطق المحسوبية على حساب المصلحة العامة، كلها عوامل تُعيد إنتاج ثقافة اللامسؤولية. والنتيجة؟ شوارعٌ يختلط فيها القانوني باللا قانوني، وأحياءٌ تتحول إلى جحيمٍ يومي تحت حكم “أمراء الفوضى” في حين أننا لن نسكت.
فحين تموت هيبة الدولة في الشارع مدينة السيبة والفوضى وكل ما هو مخالف للقانون، تولدُ عصاباتُ الإفلات من العقاب. وحين تختفي السلطة المحلية عن مشهدٍ بهذه الطريقة، فلا بد أن ثمة أجنداتٍ خفيةً تُدار بعيداً عن أعين الساكنة. بنسليمان تستغيث، والسؤال الأكبر: هل من مُجيب؟
وللحديث بقية…