الرباط : اتفاقية تاريخية للحفاظ على تراث التبوريدة بتوقيع شراكة لتعزيز الهوية والاقتصاد المغربي

الموقعون على إتفاقية شراكة لتثمين منظومة فنون التبوريدة

المصطفى الجوي  – موطني نيوز 

شهدت العاصمة الرباط، يوم أمس الاثنين، حدثاً ثقافياً واقتصادياً بارزاً بتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والشركة الملكية لتشجيع الفرس، ومؤسسة “دار الصانع”، والجمعية الوطنية لفنون الفروسية التقليدية – التبوريدة. وجرى التوقيع بحضور وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، في خطوة تهدف إلى حماية وتطوير منظومة “التبوريدة”، التي تُعد إرثاً ثقافياً مغربياً مسجلاً ضمن القائمة التمثيلية للتراث اللامادي لليونيسكو منذ 2021.

وتهدف الاتفاقية، إلى تحقيق ثلاثة محاور رئيسة، الحفاظ على التراث المرتبط بفنون الفروسية التقليدية، وتطوير الحرف المرتبطة بها كصناعة السروج والبنادق التقليدية وأزياء الفرسان، وخلق دينامية اقتصادية عبر تعزيز تسويق المنتجات الحرفية وتمكين الصناع. كما تسعى إلى دعم الفعاليات الثقافية المرتبطة بالتبوريدة، والتي تجسد لوحة فنية تجمع بين البراعة الفروسية والإرث التاريخي المغربي.

هذا وأكد لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية، في كلمته أن “هذه الشراكة تعكس إرادةً وطنية لإحياء روح التضامن بين القطاعات، حيث إن التبوريدة ليست مجرد عَرضٍ فني، بل منظومة متكاملة تربط بين الحرفي والخيَّال والجمهور”. وأضاف أن البرنامج يشمل مواكبةً للصناع لتحسين جودة منتجاتهم، وتعزيز معايير السلامة، وإطلاق حوارات مع الأسواق المحلية والدولية.

من جهته، سلط عمر الصقلي، المدير العام للشركة الملكية لتشجيع الفرس، الضوء على الجوانب العملية للاتفاقية، مشيراً إلى أن “دعم الحرفيين المتخصصين في صناعة مستلزمات الفرس هو قلب استراتيجيتنا. لقد أطلقنا برامج تدريبية تخصصية ومنحاً تحفيزية لتأهيل جيل جديد من الصناع، مع الحفاظ على الهوية البصرية والفنية التي تميز منتجات التبوريدة”.

بدوره، أكد ياسين عكاشة، رئيس الجمعية الوطنية لفنون الفروسية، أن “هذه الشراكة ستُحدث نقلةً في مفهوم الحرف المرتبطة بالتبوريدة، التي أصبحت مصدر دخلٍ لعشرات الأسر، خاصة في المناطق القروية”. وأشار إلى أن التعاون سيتيح إطلاق علامات جودة خاصة بالمنتجات الحرفية، مما يعزّز ثقة المستهلك ويُسهّل اندماج الحرفيين في سلاسل القيمة الاقتصادية.

كما كشف نص الاتفاقية عن إحداث جائزتين وطنيتين، الأولى تُمنح لأمهر الصناع في مجال مستلزمات الفرس خلال معرض الفرس بالجديدة، والثانية جائزة جهوية تُكرّم أفضل “السربات” (مجموعات الفرسان) التي تتميز باستخدامها منتجات حرفية عالية الجودة. وتهدف الجوائز إلى تحفيز الإبداع، وإبراز الأسماء الواعدة في الحرف التقليدية، وفقاً لمعايير تربط بين الأصالة والابتكار.

كما تُعد هذه الاتفاقية نموذجاً لدمج التراث في الاقتصاد الحديث، حيث تجمع بين الحفاظ على الهوية وتنمية الرأسمال البشري والمادي. وبينما تُشكل التبوريدة رمزاً للانتماء الوطني، تفتح هذه المبادرة آفاقاً جديدة لتحويل التراث إلى قوة اقتصادية ناعمة، تعكس صورة المغرب كوجهةٍ ثقافيةٍ وسياحيةٍ فريدة.

في ظل التحديات العالمية لإنقاذ الموروثات الثقافية، تبرز المغرب مرة أخرى كرائدٍ في توظيف تراثه لخدمة التنمية المستدامة، مبرهناً أن الثقافة يمكن أن تكون محركاً للاقتصاد، وجسراً بين الأصالة والحداثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!