الأستاذ محمد فتوح..رحلة الكفاءة إلى محكمة النقض في حركة قضائية تاريخية

المستشار محمد فتوح

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في إطار استراتيجية متجددة لتعزيز مسيرة الإصلاح القضائي، أعلن المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن حركة تنقلاتٍ واسعةٍ شملت 164 قاضيًا، خلال دورة شتنبر 2024، والتي تُوجت بتعيين الأستاذ محمد فتوح مستشارًا بمحكمة النقض، الهيئة القضائية العليا في المغرب. هذه الحركة، التي تجاوزت مجرد تغيير المهام إلى إرساء معايير جديدة للجدارة والشفافية، مثلت نقلةً نوعيةً في مسار تحديث المنظومة القضائية، حيث اعتمدت في 139 حالة منها على مؤشرات التنقيط الدقيقة التي تقيس الكفاءة المهنية والالتزام الأخلاقي، بينما هدفت 5 تنقلاتٍ إلى سد الخصاص، و12 أخرى إلى التبادل بين المحاكم، و7 لإحداث محاكم جديدة، إضافة إلى نقل قاضٍ واحد لأسباب صحية، في مشهدٍ يعكس سعيًا حثيثًا لموازنة الكفاءة مع الاحتياجات الميدانية.

وفي قلب هذه الحركة التاريخية، يبرز اسم الأستاذ محمد فتوح، الذي يُعتبر أيقونةً للكفاءة القضائية المغربية. فمسيرته الحافلة، التي بدأت من محاكم محلية متواضعة وصولًا إلى قمة الهرم القضائي، تُلخص قصة إصرارٍ على خدمة العدالة. عُرف الأستاذ محمد فتوح، خلال عمله كنائبٍ لوكيل الملك في عدة محاكم، ثم نائبًا للوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بتمكنه الفريد من النصوص القانونية، وإلمامه العميق بالمستجدات التشريعية، فضلًا عن أخلاقياته العالية التي جعلته قدوةً لزملائه. ولا تُنسى إسهاماته البارزة خلال عمله بالمحكمة الابتدائية ببنسليمان، حيث ترك إرثًا من النزاهة رسخ معه ثقافةً قضائيةً قائمةً على الإنصاف.

فاختيار الأستاذ محمد فتوح للانضمام إلى محكمة النقض لم يأتِ من فراغ، بل هو تتويجٌ لمسارٍ زاخرٍ بالإنجازات، واعترافٌ بقدرته على توحيد الاجتهادات القضائية، وصياغة تفسيراتٍ قانونيةٍ تستشرف المستقبل. فالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، عبر هذه الخطوة، يؤكد مجددًا تمسكه بمعايير الجدارة، حيث يرى مراقبون أن تعيين محمد فتوح يُرسل رسالةً قويةً للجيل الجديد من القضاة بأن الكفاءة والأخلاق هما جواز المرور إلى المناصب القيادية.

فهذه الحركة القضائية، برمزيتها وإحصائياتها الدقيقة، ليست مجرد سلسلة تنقلاتٍ إدارية، بل هي جزءٌ من رؤيةٍ أشمل لبناء مؤسسة قضائية منيعة، تُحاكي طموحات المغرب في ترسيخ دولة القانون. فمحكمة النقض، بصفتها الحارس الأمين للتطبيق الموحد للقانون، تحتاج إلى قضاةٍ مثل المستشار محمد فتوح، يجسدون التوازن بين الحرفية القانونية وحسّ العدالة الإنساني. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم : هل ستكون هذه الخطوة بدايةً لموجة إصلاحاتٍ أوسع تُعيد تعريف دور القضاء كضامنٍ للحقوق وليس كمُجرد جهازٍ بيروقراطي؟

فالإجابة قد تكمن في استمرار تمكين الكفاءات، وتعزيز الثقة بين القضاء والمواطن، ليكون كل قرارٍ قضائيٍ لبنةً في صرح العدالة التي يحلم بها المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!