بنسليمان : بعد 8 أشهر من الإهمال..طريق سيدي بطاش تتحول إلى كارثة تهدد أرواح الساكنة!

هذه هي طريق قرية سيدي بطاش في بنسليمان

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

ما إن تضع قدمك على الطريق الرئيسي وسط قرية سيدي بطاش بإقليم بنسليمان، حتى تكتشف أن “الإصلاح” الذي استغرق 8 أشهر لم يكن سوى فصلاً جديداً من فصول الإهمال الذي تعيشه القرى المهمشة. طريقٌ طالما حلم أهالي القرية بتعبيده ليُنهي معاناتهم مع الانزلاقات الترابية والتعرجات الخطرة، تحوّل اليوم إلى شاهدٍ صارخ على ثقافة الفوضى وغياب المحاسبة، حيث تُختزل التنمية في مشاريعَ تفتقد إلى أبسط معايير الجودة، وتُدار بأيدٍ عشوائية تترك خلفها إرثاً من الأسئلة المعلَّقة.

على امتداد 1300 متر، كان مُفترضاً أن تشقّ آليات الأشغال طريقاً يقال إنه عصرياً، لكن الواقع يُرسم بفرشاة الإهمال : طريق عادية جدا، تصريف مائي عشوائي حوّل الأمطار الأولى إلى سيول جارفة تأكل أطراف الطريق، وانبعاجاتٌ تبدو كفيلة بإتلاف إطارات السيارات خلال أيام. تساؤلات الساكنة تتصاعد : أين ذهبت ملايين الدراهم المخصصة للمشروع؟ ولماذا لم تُحترم المواصفات الفنية التي تُلزم بسمك محدّد للإسفلت وتصميم تصريف يتلاءم مع طبيعة المنطقة الريفية؟ الأكثر إيلاماً أن الجهات الرقابية كانت غائبةً طوال الأشهر الماضية، وكأن المشروع وُلد ميتاً!

في هذا السياق، لا يمكن فصل كارثة الطريق عن تحذيراتٍ سابقة أطلقها نشطاء محليون وخبراء في البنية التحتية، حين أشاروا إلى أن “التنفيذ الهش” للمشروع لن يصمد أمام أول اختبار حقيقي. اليوم، نحن مضطرين للانتظار ماذا ستكشف عنه الأيام المقبلة، بل في غياب الرقابة الصارمة على المقاولين، وتراخي الإدارة في فرض العقوبات على المخالفين، بل وفي تساهلها مع مقاولين يُكررون أخطاءَ مشاريع فاشلة سابقة دون أي حسيب.

في خضم هذا المشهد، تبرز الحاجة إلى تحرك عاجل قبل أن تتحول الكارثة إلى مأساة إنسانية. فمن غير المقبول أن تتحمل الساكنة تبعات إدارة فاشلة، بينما تُغلق الأبواب أمام محاسبة المقصرين. ندعو الجهات المعنية – ولاية الدار البيضاء سطات وعمالة بنسليمان، والجهة والجماعة، والمديرية الجهوية للتجهيز – إلى فتح تحقيقٍ عاجل للكشف عن الاختلالات الفنية والإدارية التي طالت المشروع، مع إلزام المقاول بإعادة تأهيل الطريق على نفقته الخاصة حال ثبوت التقصير. كما ينبغي تعزيز آليات المراقبة عبر إشراك المجتمع المدني في متابعة جودة الأشغال، وربط صرف الدفعات المالية بالالتزام الحرفي بالشروط المتفق عليها، لأن الأموال العمومية ليست ملكاً لأحدٍ كي يُبددها في مشاريع مثل هذه الطريق والصورة خير دليل.

لتبقى قصة طريق سيدي بطاش ليست مجرد “حادث عابر” في ملف التنمية الترابية، بل هي نموذجٌ لمأساة متكررة : فقراءُ يُدفعون إلى الانتظار سنواتٍ تحت شعاراتٍ برّاقة، ثم عندما يأتي “الحل”، يكتشفون أنه إهدارٌ جديدٌ للمال العام، ووعودٌ تتحطم على صخرة الإدارة العشوائية. آن الأوان لمراجعة هذا النهج، فالطرق الآمنة لا تُبنى بالإسفلت وحده، بل بالإرادة السياسية التي تجعل من المراقبة والمحاسبة ركيزتَيْ أي مشروع. ولن تتحقق التنمية الحقيقية إلا حين تؤمن الجهات المعنية بأن المواطن ليس رقماً في ملفّ، بل شريكاً في البناء.. وحقُّه في سلامة الطريق مقدسٌ مثل حقّ الدولة في فرض القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!