بنسليمان : دوار “بوشويطينة” الفوضى تُحاك في ظل صمت السلطات والغض الطرف عن زحف الحي الصناعي العشوائي (فيديو)

الحي الصناعي العشوائي بدوار بوشويطينة في بنسلينمان

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في دوار “بوشويطينة”، حيث يُفترض أن تعلو صافرات الإنذار لوقف الانهيار المتسارع، تتحول الفوضى إلى واقع يومي يُلامس حدود الكارثة. الشاحنات العملاقة تزحف كالوحوش على الطريق الرئيسية RR404، التي لم تعد سوى شريط أسفلتي ضيق يُصارع للبقاء تحت وطأة الإهمال والتعديات. الحي الصناعي العشوائي، الذي انتشر دون خطة أو ترخيص، أصبح عنواناً صارخاً لغياب الدولة، حيث تُختزل القوانين إلى حبر على ورق، وتتحول الأراضي العامة إلى غنيمة يتقاسمها أصحاب المحلات تحت سقف صمتٍ رسميٍ يقول في داخله “كان” لكن احتلاله لجنبات الطريق يجب التصدي له.

لا يقتصر الأمر على مجرد بناء عشوائي، بل يتعداه إلى استباحة منظمة للمال العام. فبين ليلة وضحاها، تحولت جنبات الطريق RR404 إلى فضاء لورشات صناعية ومخازن، تمددت حتى طوقت الشارع الضيق، مُحولة إياه إلى متاهة من المخاطر. الغريب أن هذه التعديات لم تأتِ خلسة، بل تحت أنظار السلطات التي تختار غض الطرف، وكأنها تبارك تحويل المنطقة إلى “منطقة محرَّمة” من القانون. أما أصحاب تلك الورش، فيعملون بمنأى عن أي رقابة، بعيداً عن دفع الضرائب أو تسجيل عمالتهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في مشهد يكرس “اقتصاد الظل” ويُعمق أزمات المجتمع.

ويتساءل السكان هنا: ما الذي تكتسبه الجماعة المحلية والسلطات من استمرار هذه الفوضى؟ فمن جهة، لا تُضخ أموالٌ إلى خزينة الدولة من نشاطات هذا الحي، إذ تعمل كل المنشآت خارج الإطار القانوني. ومن جهة أخرى، تتفاقم الأعباء على البنية التحتية، حيث تشققات الطريق RR404 تتسع، وحركة المرور تتحول إلى كابوس يومي، دون أي مبادرات جادة للتوسعة أو الصيانة. بل يبدو أن هناك من يستفيد من بقاء الوضع على حاله، ربما عبر “صفقات صمت” أو سماسرة فوضى، يجعلون من المنطقة سوقاً لتبادل المصالح الخفية، على حساب حقوق السكان وكرامة العمال.

الضحايا هنا ليسوا محصورين في الطريق المتداعي أو السكان المحاصرين بالضجيج أو حتى زحف بضائعهم حتى الطريق العام، بل يتعدون إلى العشرات من العمال الذين يُستغلون في ورشات لا تراعي أبسط شروط السلامة. فهم يعملون دون تأمين صحي، أو حقوق عمل مضمونة، في ظل غياب تام لرقابة وزارة التشغيل أو هيئات التفتيش. حتى الحوادث المهنية التي تُسجل هنا وهناك تذهب أدراج الرياح، وكأن حياة البشر في هذا الحي باتت سلعة رخيصة في سوق الفوضى.

في خلفية هذا المشهد، يطفو سؤالٌ ملحٌّ عن دور السلطات: هل نحن أمام إهمال مُزمن، أم تواطؤ مُمنهج؟ فمنذ سنوات، تُنشر تقارير عن تداعيات الوضع في دوار بوشويطينة، لكن القرارات تبقى حبيسة الاجتماعات الروتينية. بل إن بعض المحاولات الفردية من باشا بنسليمان الحالي قوبلت بالعرقلة، في إشارة إلى أن الفوضى نفسها مُربحة لأطرافٍ تفضل العمل من خلف الستار. فهل يعقل أن تكون السلطات عاجزة عن تنظيم طريق رئيسي، أم أن العجز هنا مقصودٌ لخدمة أجنداتٍ لا تُعلن؟

الحقيقة أن دوار بوشويطينة ليس مجرد حالة عابرة، بل نموذجاً لاختبار مصداقية الدولة في فرض القانون. فالفوضى لا يمكن أن تتحول إلى سياسة، والصمت لا يمكن أن يكون رديفاً للقوة. فقد آن الأوان لرفع الستار عن هذه الملفات الشائكة، وكشف حسابات الذين يستفيدون من ديمومة الانهيار، وتحويل المنطقة إلى نموذجٍ للإدارة الحازمة، بدلاً من أن تظل مثالاً يُدرس في فصول الفساد والإهمال. فالسؤال الذي ينتظر الإجابة: كم من الكوارث نحتاج كي نستفيق وفي الجوار ثكنة؟. 

وللموضوع بقية…

وللاطلاع ومشاهدة هذه الفوضى المرجو الضغط هنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!