بنسليمان : مشروع المليارين في جماعة سيدي بطاش بين الواقع المُخيب والوعود المُبالغ فيها

مشروع المليارين الفاشل في سيدي بطاش

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في قرية سيدي بطاش، حيث كان يُفترض أن يكون مشروع المليارين علامة فارقة في تطوير البنية التحتية وتحسين مستوى الخدمات، تحول الحلم إلى فشل ذريع. المشروع الذي طالما تم الترويج له كإنجاز استثنائي، تحول إلى مثال صارخ على سوء التخطيط والإدارة، بل وإهدار المال العام. فبعد كل الضجيج الإعلامي والوعود الكبيرة، لم ينتج عن هذا المشروع سوى مقطع طُرقي لا يتجاوز طوله كيلومترًا واحدًا، وسط قرية صغيرة، ليصبح بذلك رمزًا للفشل بدلًا من أن يكون نموذجًا للنجاح.

العنوان الذي يلخص هذا المشروع هو “تمخض الجبل فولد فأرا”، حيث كانت التوقعات كبيرة والنتائج هزيلة. المشروع، الذي تم الترويج له كأحد أهم إنجازات الولاية الحالية، تبين أنه مجرد شارع قصير لا يتناسب أبدًا مع حجم المبالغ الطائلة التي أُنفقت عليه. والأمر الأكثر إثارة للاستغراب هو أن الاتفاقية الموقعة تسمح بزيادة الميزانية كلما طلب المقاول ذلك، مما يفتح الباب أمام إهدار غير محدود للمال العام.

ومن أكثر الأمور التي تثير التساؤلات هو غياب الرقابة الفعلية على هذا المشروع. فالصورة التي تم تداولها تُظهر أن الأشغال تمت بشكل عشوائي، وكأن المقاولة اعتادت على “تهيئة المنعرجات حتى لو كانت الطرق مستقيمة”. هذا العبث في التنفيذ يطرح علامات استفهام كبيرة حول دور لجنة الإشراف والتتبع، والتي كان من المفترض أن تضمان تنفيذ المشروع وفق المعايير المطلوبة وبشفافية تامة.

ولا يمكن إنكار أن الحملات الإعلامية التي رافقت هذا المشروع كانت ضخمة ومبالغ فيها، حيث تم تقديمه على أنه إنجاز تاريخي سيغير وجه المنطقة. لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا، فالمشروع لم يقدم أي قيمة مضافة تُذكر، بل أصبح مثالًا يُضرب على سوء الإدارة والتبذير.

فمشروع المليارين في قرية سيدي بطاش ليس مجرد فشل في تنفيذ مشروع طُرقي، بل هو مؤشر على خلل كبير في آليات التخطيط والتنفيذ والرقابة. من الضروري أن يتم مراجعة هذا المشروع بشكل عاجل، وأن تُفتح تحقيقات شفافة لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين. كما يجب أن تكون هناك إجراءات صارمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء في المستقبل، وأن تُخصص الميزانيات العامة لمشاريع ذات جدوى حقيقية تعود بالنفع على المواطنين.

هذا المشروع يجب أن يكون درسًا لكل المسؤولين: الوعود الكبيرة تحتاج إلى تنفيذ جاد، وإلا فإنها تتحول إلى مجرد فقاعات إعلامية تنفجر عند أول مواجهة مع الواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!