![](https://mawtininews.com/wp-content/uploads/2025/01/IMG_4133.png)
المصطفى الجوي – موطني نيوز
اليوم، الموافق 24 يناير 2025، ستشهد قاعة الجلسات رقم 6 بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وتحديداً غرفة جرائم الأموال، جلسة جديدة في قضية اختلاس وتبديد أموال عمومية مرتبطة بمشروع المغرب الأخضر بجماعة بئر النصر. هذه القضية، التي أثارت اهتماماً واسعاً منذ كشفها، تعود إلى سوء استخدام مبالغ مالية كبيرة كانت مخصصة لتمويل مشاريع فلاحية تهدف إلى تنمية المنطقة. وقد أسفرت الجلسة عن إصدار أحكام قضائية بحق عدد من المتهمين، بينما أثارت بعض القرارات جدلاً قانونياً واجتماعياً.
في التفاصيل، تمت إدانة الرئيس الحالي لجماعة بئر النصر (ب.د) بالسجن لمدة سنتين نافذتين، وذلك بتهمة اختلاس الأموال العمومية. كما حكم على المدير الإقليمي السابق للفلاحة بعقوبة مماثلة، فيما توزعت الأحكام الأخرى بين نافذة وموقوفة التنفيذ على مجموعة من الموظفين العموميين العاملين في قطاع الفلاحة. هذه الأحكام جاءت بعد تحقيقات مطولة كشفت عن تورط هؤلاء المسؤولين في عمليات اختلاس وتلاعب مالي أضرت بمشروع المغرب الأخضر، الذي يعد أحد أهم البرامج التنموية في المغرب.
من جهة أخرى، أصدرت المحكمة حكماً بتعويض مادي لفائدة تعاونية “الشجرة المباركة”، التي مثلها المحامي الشاب أحمد الحمامي. وقد لفت الحمامي الأنظار بأدائه المهني المتميز وحسه الوطني العالي، حيث قاوم ضغوطاً كبيرة تعرض لها من جهات نافذة حاولت التأثير على سير المحاكمة. هذا الموقف القوي من قبل المحامي الشاب أضاف بعداً إيجابياً إلى القضية، حيث أكد أن العدالة يمكن أن تتحقق رغم كل الصعوبات.
إلا أن الجلسة لم تخلُ من الجدل، خاصة بعد تنازل رئيس جماعة بئر النصر عن المطالب المدنية للجماعة. هذا التنازل، الذي تم خارج إطار مداولة المجلس الجماعي، أثار تساؤلات حول شرعيته ومدى تمثيله لإرادة المجلس بأكمله. وقد مثل الرئيس محامٍ من هيئة الرباط، مما زاد من حدة الجدل حول هذا الإجراء، الذي وصفه البعض بأنه “مشبوه” ويقلل من فرص استرداد الأموال العامة المختلسة.
ردود الفعل على الأحكام كانت متباينة. من جهة، عبر ممثلو تعاونية “الشجرة المباركة” عن ارتياحهم للحكم التعويضي، معتبرين أنه خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة لصغار الفلاحين الذين تضرروا من جراء الفساد. من جهة أخرى، أبدى سكان جماعة بئر النصر استياءهم من تنازل الرئيس عن المطالب المدنية، معتبرين أن هذا الإجراء يضعف جهود استعادة الأموال العامة ويعكس غياب الشفافية.
القضية، التي ما زالت مستمرة، ستشهد جلسات قادمة لبحث تفاصيل إضافية، خاصة فيما يتعلق بشرعية التنازل عن المطالب المدنية ومدى مسؤولية الأطراف الأخرى المتورطة. كما ستكون هناك متابعة لتنفيذ الأحكام الصادرة وضمان استفادة المتضررين من التعويضات المقررة.
هذه المحاكمة تبقى نموذجاً لمعركة الفساد في المغرب، حيث تسعى الجهات القضائية إلى إرساء مبادئ المساءلة والشفافية، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها. القضية تذكر الجميع بأن محاربة الفساد ليست مهمة سهلة، ولكنها ممكنة عندما تتوفر الإرادة السياسية والقضائية لتحقيق العدالة.