وسائل النقل العمومي في المغرب وسياسة الاستثناءات والامتيازات التي تهدد مبدأ المساواة أمام القانون..إقليم بنسليمان نموذحا

لوحة التنقيط الالكترونية التابعة لمصلحة التشخيص الجنائي الدرك الملكي بالرباط

المصطفى الجوي – موطني نيوز

في ظل دولة تسعى إلى ترسيخ مبادئ العدل والمساواة، يبدو أن سياسة الاستثناءات والامتيازات التي تتمتع بها وسائل النقل العمومي في المغرب باتت تشكل انتهاكًا صارخًا لهذه المبادئ. فما نراه اليوم من تساهل غير مبرر في التعامل مع هذه الوسائل، مقابل تشديد المراقبة على السيارات الخاصة، يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى التزام الدولة بمبدأ المساواة أمام القانون، الذي يُفترض أن يكون حجر الزاوية في أي نظام ديمقراطي.

في إقليم بنسليمان، على سبيل المثال، أصبحت وسائل النقل العمومي، سواء كانت سيارات الأجرة أو الحافلات، تتمتع بحصانة غير مسبوقة. فهي تجتاز نقاط المراقبة الأمنية التابعة للدرك الملكي والأمن الوطني بكل سهولة، دون أن تتعرض لأي شكل من أشكال التفتيش أو التنقيط الإلكتروني، الذي يُطبق بصرامة على السيارات الخاصة. هذه الازدواجية في المعاملة تثير الاستياء والغضب بين المواطنين، الذين يرون أنفسهم ضحايا لسياسة تمييزية تفتقر إلى الشفافية والعدالة.

والأمر لا يقتصر على بنسليمان فقط، بل يمتد ليشمل العديد من المناطق المغربية، حيث أصبحت وسائل النقل العمومي بمثابة “مناطق محرمة” لا تُمس، في حين يتم تشديد الخناق على السائقين العاديين، الذين يُجبرون على الخضوع لعمليات تفتيش دقيقة، وتنقيط إلكتروني، ومراقبة مشددة، دون أي استثناءات. فهل يعقل أن تكون وسائل النقل العمومي فوق القانون، في حين يُعامل المواطنون العاديون كمجرمين محتملين أو كمطلوبين للعدالة؟

إن من المفارقات الصارخة في هذا السياق أن جهاز الدرك الملكي في إقليم بنسليمان يتوفر على تقنيات متطورة مثل “لوحات التنقيط الإلكترونية” التابعة لمصلحة التشخيص الجنائي وحتى الأمن الوطني يتوفر على الناظم الآلي، والتي تُستخدم بشكل انتقائي ضد سائقي السيارات الخاصة. فبالرغم من فعالية هذه التكنولوجيا في ضبط المخالفات وتعزيز الأمن الطرقي والمطلوبين للعدالة، إلا أن استخدامها يبدو موجهاً بشكل أحادي، دون أن يتم تطبيقها على وسائل النقل العمومي. وكأنهم بهذا التصرف يؤكدون ان ليس في سائقي أو مستعملي هذه الوسائل أي مبحوث عنه أو مطلوب للعدالة!!!.

وهنا يبرز سؤال محوري : لماذا لا تخضع سيارات الأجرة والحافلات لنفس الإجراءات؟ ولماذا يتم إعفاؤها من التنقيط الإلكتروني، في حين يتم تسليط هذه الأداة بشكل قاسٍ على السيارات الخاصة؟ لتجد صف من السيارات متوقفة عند كل نقطة مراقبة خاصة لدى الدرك الملكي، أليس من المفترض أن تكون التكنولوجيا أداة لتعزيز العدل والمساواة، وليس لخلق فجوات جديدة في النظام؟

الوضع في بنسليمان ليس سوى نموذج صارخ لسياسة أوسع تمنح وسائل النقل العمومي حصانة غير مبررة. ففي الوقت الذي يُطالب فيه المواطنون العاديون بالالتزام الصارم بالقوانين، نجد أن سائقي سيارات الأجرة والحافلات يتمتعون بتسهيلات تصل إلى حد الإفلات من العقاب ولو على حساب القانون. هذه الحصانة تطرح تساؤلات حول الجهات التي تقف وراءها، والأسباب الحقيقية التي تجعل هذه الوسائل فوق القانون.

فهل الأمر يتعلق بضغوط نقابية؟ أم أن هناك مصالح خفية تتحكم في هذه السياسة؟ ولماذا يتم التغاضي عن مخالفات وسائل النقل العمومي، في حين يتم معاقبة المواطنين العاديين بأقصى درجات الشدة؟ هذه الأسئلة تبقى معلقة في ظل غياب أي تفسير رسمي مقنع من الجهات المعنية.

ليبقى المبدأ الأساسي الذي يجب أن يحكم أي سياسة عامة هو مبدأ المساواة أمام القانون. فالدستور المغربي ينص صراحة على أن جميع المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات، دون أي تمييز. ولكن ما نراه على أرض الواقع هو انتهاك صارخ لهذا المبدأ، حيث يتم التعامل مع وسائل النقل العمومي ككيان منفصل، يتمتع بامتيازات لا تُمنح لبقية المواطنين. ولقد شاهدنا فوضى النقل بمنطقة مليلة الى أي مدى وصل!!!.

لذا، فإنه من الواجب على الجهات المعنية أن تعيد النظر في هذه السياسة، وأن تضمن تطبيق القانون بشكل عادل ومنصف على الجميع، دون استثناءات أو تمييز. فالمغاربة يستحقون أن يعيشوا في دولة تحترم مبدأ المساواة، وتتعامل مع جميع مواطنيها بنفس الدرجة من العدل والإنصاف. وإلا فإن شعار “المغاربة سواسية أمام القانون” سيظل مجرد كلمات جوفاء، لا تحمل أي معنى على أرض الواقع.

نتمنى أن نقف على مشهد عناصر الدرك الملكي داخل حافلة لنقل الركاب أو سيارة الأجرة وفي أيديهم لوحاتهم الالكترونية وكذلك عناصر الأمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!