
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في مشهد يثير الأسى والحسرة، تقف مدينة بنسليمان اليوم شاهدة على تناقض صارخ بين وعود براقة وواقع مرير. فالمدينة التي تغنى المسؤولون بإمكانية استضافتها لفعاليات كأس العالم 2030، باتت نموذجاً صارخاً للتخبط العمراني والفوضى الإدارية.

لم يعد خافياً على أحد حجم التردي الذي تعيشه هذه المدينة التي تحولت من حلم التنمية والازدهار إلى ما يشبه “الدوار” الكبير. فالأسواق العشوائية تنتشر كالفطر في كل زاوية وركن، والباعة المتجولون يحتلون الأرصفة والشوارع في تحدٍ سافر لأبسط قواعد التنظيم الحضري.

وفي مشهد يدمي القلب، تحولت الشوارع الرئيسية إلى ما يشبه الورشات المفتوحة لإصلاح الشاحنات، حيث تتناثر قطع الغيار وبقع الزيوت على الأرصفة، في حين تتحول المحطات الطرقية إلى فضاءات للفوضى والارتجال، بعيداً عن أدنى معايير التنظيم والسلامة.

إن الحديث عن استضافة مباريات كأس العالم في مدينة تعجز عن تنظيم حركة المرور في شوارعها، أو الحفاظ على نظافة أحيائها، لهو ضرب من العبث والسخرية. فكيف لمدينة غارقة في مستنقع العشوائية أن تستقبل حدثاً رياضياً عالمياً بهذا الحجم؟

لقد آن الأوان لمصارحة المواطنين بالحقيقة المرة: بنسليمان تحتاج إلى ثورة تنموية حقيقية قبل الحديث عن أي طموحات عالمية. تحتاج إلى خطة عمل واضحة لإنقاذها من براثن الفوضى والعشوائية، وإعادة الاعتبار لها كمدينة تليق بساكنتها وتاريخها.

إن استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه يعد إهانة لكل من يحلم بمستقبل أفضل لهذه المدينة. فالملك العام مستباح، والتخطيط الحضري غائب، والخدمات الأساسية متدهورة. وفي ظل هذا الوضع المزري، يصبح الحديث عن كأس العالم 2030 مجرد “نكتة سمجة” لا تضحك أحداً.

نحن أمام مفترق طرق : إما أن نواجه الحقيقة بشجاعة ونبدأ العمل الجاد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو نستمر في الغرق في مستنقع الأوهام والوعود الكاذبة. فهل من مستجيب لصرخة مدينة تئن تحت وطأة الإهمال والعشوائية؟